

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
السينماء السعودية.. تطلعات ..لسوليود سعودية
في حديث للأمير المتألق المتأنق صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل وهو يعلق على مشاركة السعودية ومشاركته شخصيا في مهرجان كان قال (مادام فيه هوليود وبوليود لماذا لإيكون هناك سيوليود سعودية)
هذا التصريح لسموه جعلني أعود بالذاكرة إلى ما قبل عام 1979م عندما كانت هناك عدة دور عرض سينمائية بسيطة في مدينتي الطائف بحي البخارية والردف وفي أحواش وسطوح بعض المنازل.
كنا نحضرها في سرية تامة نخاف ردة فعل أهلنا ونخاف أن تداهمنا الجهات الرقابية في حينها وكمْ من مرة تم إخلاء المكان قبل نهاية العرض خوفا من المداهمة والأمر لم يقتصر على الطائف فقط بل كانت هناك دور عرض مماثلة في الرياض وجدة والدمام وغيرها من المدن، وكانت الأفلام التي تعرض حينها أفلاما مصرية في غالبها مع بعض الأفلام الهندية (الأكشن).
ولكن هذه تجربة تلاشت بعد عام (1979) ولم يعد لها وجود والحقيقة أن تاريخ السينما السعودية زخر بمحاولات واجتهادات لأعمال جيدة قام بها نخبة من أبنائنا رغم صعوبة بيئة العمل في ذلك الزمان حيث كان ينظر لصناعة السينما أنها مخالفة للشريعة بل أبعد من ذلك ، نقول رغم ذلك كانت هناك محاولات نابهة لبعض المنتجين أو الممثلين السعوديين بثت في مهرجانات ودور عرض في بعض الدول العربية وحازت على العديد من الجوائز، ولكنها لم تأخذ حقها في الانتشار المحلي لإقفال دور العرض البسيطة السابقة وعدم وجود دور عرض حديثة.
هذه البيئة أثرت كثيرا في صناعة السينما السعودية وفي همة المهتمين أو المنتجين أو حتى الممثلين مما جعلهم ينصرفون للإنتاج التلفزيوني كما جعلت المواطن السعودية يشد الرحال للدول المجاورة من أجل أن يشاهد مع أسرته فلم سمعوا عنه وأعجبهم ورغبوا مشاهدته.
وجود هذه التجارب السينمائية للرواد ودور العرض في ذلك الزمن رغم بساطتها إلا أن المجتمع أقبل عليها وتفاعلها معها مما يجعلنا نقول إن هذا التاريخ يستحق أن يتصدى له الباحثون لتدوينه والبناء عليه لمستقبل زاهر للسينما السعودية.
وعندما نطلع في عجالة على المتوفر من المعلومات ندرك أن الرواد السابقين في هذا القطاع يتضح بجلاء أنهم بحكم الدراسة والخبرة والممارسة كانوا يدركون ويعون الدور المهم والجوي الذي تمثله الصناعة السينمائية كواحدة من أهم أدوات وأذرع القوة الناعمة التي تعمل عليها الدول ليكون لها ولحضارتها وثقافتها حضور في المشهد الدولي كقوية ناعمة لها دورها المهم والموحوري في تشكيل الرأي العام العالمي والمحلي والتأثير في الاتجاهات والقيم والمعتقدات وأيضا تسويق حضارات وثقافات الشعوب.
الجميع يدرك دور السينما لأمريكية والغربية والهندية في نشر ثقافتهم وقيمهم ومعتقداتهم من أجل تشكيل رأي عالمي منبهر ومتأثر ومقتد وربما موال لحضارتهم
وفي مسار مواز له عملوا من خلاله وبخبث على شيطنة كل حضارة تتقاطع معهم أو تنافسهم بتكريس صور نمطية سيئة عن تلك الحضارات والدول وأهلها، وكان نصيب العربي والحضارة الإسلامية نصيب الأسد من هذه الشيطانة.
وقد كانت رؤية المملكة 2030 النابهة والمتطلعة والخلاقة تدرك وتعي الدور المهم للفن السابع (السينماء) والترفيه بشكل العام لذلك كان من أهم مستهدفاتها تبنى توطين الترفيه.
من خلال هذا الاهتمام والدعم بدأت الحياة تدب في هذا القطاع المهم والمربح (قطاع السينما) وكانت البداية بفتح أول دار سينمائي بالرياض وذلك عام (2017) ولم يقتصر الافتتاح على الرياض بل شمل كل المدن والأحياء، كما عززت الدولة (أيدها الله) ذلك بأن أطلقت في عام 2021مهرجان البحر الأحمر السينمائي والمشاركة في مهرجان كان السينمائي الشهير كشريك وكممول لأغلب الأفلام التي عرضت فيه في دورته السادسة والسبعين كما تم إطلاق هيئة الأفلام والصندوق الثقافي الذي يمول برنامج الأفلام.
الحراك الحاصل في مشهدنا السينمائي محمود وتشكر عليه الدولة وقطاعاتها لكننا في ظل هذه الرؤية الوثابة التي تسعى أن تأخذ السعودية مكانتها بين الدول على كافة الأصعدة والمجالات نظرا لما تملكه من حضارة عريقة وإرث ثقافة متنوع ومهيب يجب أن تقوم صناعة السينما السعودية في التعريف به ونشره لتعزيز صورتنا الزاهية بين الأمم.
السؤال الذي لم أستطع الإيجابية عليه أين صناعة السينما السعودية اليوم، وماذا ينقصها لتكون رائدة وحاضرة في المشهد السينمائي العالمي.
لواء م عبدالله ثابت العرابي الحارثي

