اللواء ركن م -حسين محمد معلوي

٠٣:٢٨ م-٠٩ ديسمبر-٢٠٢٤

الكاتب : اللواء ركن م -حسين محمد معلوي
التاريخ: ٠٣:٢٨ م-٠٩ ديسمبر-٢٠٢٤       17655

بقلم - اللواء متقاعد. حسين معلوي

منذُ استلام الرئيس السوري الأب حافظ الأسد لحكم  سوريا  في عام "١٩٧١ م" وسوريا البعثية الاشتراكية في عهده ثم في عهد ابنه بشار تسير في الاتجاهات الخاطئة ضد المصالح الحقيقية لسوريا حكومة وأرضاً وشعباً فقد ساند حافظ وابنه بشار إيران وبقوه في حربها ضد العراق خارجاً بذلك على الإجماع الخليجي والعربي.

ثم ان حافظ الأسد كما ذكر المؤرخون لم يحاول يوماً تحرير الجولان بل انه نفذ خطة واضحة في حرب أكتوبر "٧٣ " عندما ترك اللواء المدرع المغربي الذي أرسله الملك الحسن الثاني لنجدة ودعم  سوريا  في حرب أكتوبر ١٩٧٣م مكشوفاً للإسرائيليين بعد أن سحب  القوات السورية من الجولان دون تنسيق أو علم من المغاربة والعراقيين الذين يقاتلون معه في جبهة الجولان، ولولا نجدة القوات العراقية لمجموعة اللواء المغربي المدرع لسقط بكامله في أيدي الإسرائيليين.

ومما يذكره التاريخ أن حافظ الأسد الذي كان وزيراً للدفاع في  سوريا  في حرب يونيه حزيران عام ١٩٦٧ م قد أعلن في بيان عسكري يحمل الرقم "٦٦" سقوط الجولان في أيدي القوات الإسرائيلية التي لم تكن قد وصلت الجولان التي لم تسقط لحظة إلقاء البيان.

ويقول المؤرخ العسكرى محمود شيت خطاب لو أن حافظ الأسد وجماعته قد دفعوا فقط بالحجارة من أعلى هضبة الجولان الى جسر بنات يعقوب لإغلاقه لما استطاعت القوات الإسرائيلية الصعود الى قمة الهضبة الاستراتيجية فكيف لو استخدموا أسلحتهم.

وقد ذكر المؤرخون العسكريون الإسرائيليون بأن الجولان سقطت قبل ان تسقط اي قبل وصول القوات الإسرائيلية إليها !!! .

لقد استيقظ السوريون والعالم في صباح هذا اليوم الأحد الثامن من ديسمبر - ٢٠٢٤ م - الموافق للسابع من جمادى الثانية لعام ١٤٤٦ هـ على خبر سقوط نظام بشار الأسد الإبن الذي أشعل الحرب في  سوريا  لاكثر من اربعة عشر عاماً بينه وبين القوى السورية المحلية والقوى الاقليمية والدولية.

تلك الحرب التي أعادت  سوريا  قرناً من الزمن الى الوراء وكان من نتائجها احتلال امريكا وإيران وتركيا وروسيا لأراضي ومواقع في  سوريا  اضافة الى قتل اكثر من " ٥٠٠ " الف سوري بطرق همجية لا إنسانية وسادية من عناصر النظام وميليشيات إيران والطائرات الروسية، والاف منهم قتلوا في سجون النظام كما اتضح من وثائق قيصر وغيرها إضافة الى تهجير ما يقارب اثناعشر مليون سوري في بقاع الأرض كلاجئين مهددين بالطرد والعنصرية في عدة دول.

يضاف لذلك  الى أن من نتائج الحرب انهيار وتهشيم المجتمع السوري وتنامي الأحقاد العنصرية والطائفية والعرقية وانهيار الجيش السوري الذي تقادمت أسلحته وتدنت مرتبات قادته وجنوده التي وصلت شهرياً الى عشرة دولارات للفرد و " ٤٠ " دولار للقادة، كذلك من النتائج انهيار الاقتصاد السوري وعزلة  سوريا  سياسياً ودبلوماسياً.

لقد اتفق المحللون والمراقبون بأن اندلاع الثورة السورية في - ١٥ مارس من العام ٢٠١١م كان لأسباب بسيطة تتعلق بتحسين مستوى المعيشة والبطالة ولم يكن الهدف إسقاط النظام بأي حال ولكن العنجهية الأسدية والنظرة الطبقية للحكام العلويين ضد الشعب السوري أشعلت الموقف وانتشرت المظاهرات في المدن السورية خاصة بعد قتل النظام لأطفال درعا ودير الزور.  

إن من أكبر العوامل لسقوط بشار الأسد هو ارتماءه في احضان ايران وروسيا ، وهو بذلك يؤيد الخطط الإيرانية التوسعية في البلاد العربية، وسمح لإيران وروسيا باحتلال جزء من الأراضي السورية في البر والبحر حتى أن عدد ميليشيات ايران في  سوريا  وصل إلى أكثر من "٤٥" ميليشيا مذهبية وعسكرية حسب آخر التقارير وكان الساسه الإيرانيون يتفاخرون بأنهم سيطروا على أربع عواصم عربية ودمشق احداها وهو لا يحرك ساكن بل إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في احدى زياراته التفقدية لقاعدة حميميم. 

لم يسمح لبشار أن يكون بجانبه عند عزف العلم وتفقد قواته ، بمعنى أن سيادة  سوريا  لم يعد لها وجود آنذاك، حيث أنشأت روسيا عدد من القواعد البرية والبحرية في حميميم واللاذقية وطرطوس  واساطيل بحريه في المياه الاقليميه السوريه!!!.

اتضح من سياق الأحداث بأنه لم يكن لدى بشار الأسد اي ذرة من الإحساس بالوطنيه أو الضمير الحي أو الخوف من الله، وهو يشاهد والعالم كله البراميل المتفجرة التي كانت طائراته تلقيها على المواطنين بالمدن السورية بل لم تهتز له شعرة من رأسه وهو يرى طائرات السوخوي الروسية المتطورة وهي تصب حممها  لدك المدن ومعالم الحضارة السورية على رؤوس ساكنيها.

ومع كل ذلك فقد حاولت دول الجامعة العربية وعلى رأسها السعودية انقاذ  سوريا  ومعها نظام الأسد ولكنه احتمى بشيعته النصيريين والايرانيين بعد أن استصدر والد بشار الرئيس حافظ الأسد في زمانه فتوى من المرجع الشيعي اللبناني موسى الصدر تقول بأن الطائفة النصيريه " العلويه " هي شيعية مسلمين لكي يكون رئيساً لسوريا التي يشترط دستورها أن يكون رئيس البلاد مسلماً.

ثم إن من اخطاء بشار الأسد أنه رفض التعاون مع المندوبين الأمميين لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم " ٢٢٢٥ " بشأن وقف إطلاق النار في  سوريا  والسير في طريق الحل السياسي مما جعل المجتمع الدولي يفرض عقوبات على  سوريا  وبشار الذي لا يكترث بمعاناة الشعب السوري.

وفي قمة عزلة نظامه قدمت له الدول العربية وعلى راسها السعودية والامارات وغيرها طوق النجاة فأعادت فتح سفاراتها في دمشق وأعيدت  سوريا  لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية ودعت السعودية بشار الأسد لحضور المؤتمرات العربية والإسلامية بناء على تفاهمات لم يفي بها الأسد ولم ينفذها ومنها عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم وبدلاً من ذلك وضع بشار يده في يد إيران وحزب الله لتصدير المخدرات الى السعودية ودول الخليج العربي.

وهنا يقول مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة في تصريح له يعبر عن الجميع  بعد سقوط دمشق في ايدي الثوار "الأسد لم يستخدم  شريان الحياة الذي قدمته له دول عربية وأن الخلل في  سوريا  هو عدم وجود دولة سورية يمكن الوثوق بها".