بقلم - عيسى المزمومي
في عالم تتسارع فيه التحولات، لم يعد الأمن مجرد إجراءات تحفظ التوازن المجتمعي، بل أصبح فلسفة دولة، ورؤية شاملة تُصاغ عبر وعي قيادي يحسن قراءة المستقبل قبل أن يصل.
وفي قلب هذه الرؤية يبرز الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية السعودي، الذي أحدث نقلة نوعية تجاوزت حدود الإدارة الروتينية إلى قيادة فريدة تقوم على الحضور الميداني، وصناعة القرار من قلب الحدث، والإيمان بأن أمن الإنسان يبدأ من فهم الإنسان ذاته!
يمضي سموه بخطوات واثقة نحو بناء منظومة أمنية تتعامل مع الجريمة بوصفها ظاهرة ذات جذور اجتماعية ونفسية، لا مجرد حالات فردية.
وقد تجسدت هذه الرؤية في زيارته أخيرًا للمديرية العامة للسجون، حيث دشّن مجموعة من المراكز التأهيلية المتخصصة، منها مركز فجر، مركز ثقة، مركز إشراقة؛ وهي مراكز لا تهدف فقط إلى إعادة تأهيل النزيل، بل إلى إعادة تشكيل وعيه، ومساعدته على العودة إلى المجتمع إنسانًا قادرًا على البدء من جديد.
ويأتي ذلك ضمن استراتيجية تهدف إلى خفض معدلات العودة للسجن، عبر معالجة أعماق المشكلة لا مظاهرها.
ويتجاوز اهتمام سمو وزير الداخلية حدود الرجل إلى تمكين المرأة، عبر مركز تدريب القدرات النسائي، الذي يقدّم برامج عسكرية ومهارات دفاعية ومحاضرات تعليمية تسهم في إعداد كوادر نسائية قادرة على أداء مهام أمنية دقيقة.
وهذه الخطوة ليست تدريبًا بقدر ما هي إعلان عن إيمان راسخ بأن الأمن مشروع وطني يشارك في بنائه الجميع.
ويُعرف الأمير عبدالعزيز بن سعود بحزمه وصرامته أمام الأخطاء والتجاوزات؛ فهو لا يسمح للتقصير أن يتحول إلى ثقافة، ولا يترك مساحة للخطأ كي يُعاد إنتاجه.
وقد أكسبه هذا النهج احترام العاملين في مختلف قطاعات الوزارة، بوصفه قائدًا لا يساوم على الحق، ولا يتردد في اتخاذ القرار حين يتطلّب الموقف ذلك.
وفي أبريل 2021م، نال سموه وشاح الملك عبدالعزيز من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تقديرًا لدوره المحوري في إدارة وزارة تُعدّ من أهم الوزارات السيادية في الدولة، منذ توليه مهامها في عام 2017م.
يشرف سموه اليوم على أكثر من 30 ألف موظف عسكري ومدني يعملون في 13 منطقة إدارية، وأسهمت توجيهاته في تحقيق انخفاض ملحوظ في معدلات الجريمة، ونجاحات نوعية في مكافحة الإرهاب والمخدرات، وتطوير المنشآت الأمنية، وتعزيز الترابط بين قطاعات الأمن عبر رؤية تعتمد على التقنية والمعرفة والتخطيط طويل المدى. وضمن هذه الرؤية جاءت مشاريع نوعية مثل تطوير المقرات الأمنية، وبرنامج الألياف البصرية والأنظمة الإلكترونية، ومشروع أمن الحدود في المنطقة الشمالية، وبرنامج الاتصال الأمني الموحد، ومراكز العمليات الأمنية الموحّدة التي تمثل نموذجًا متقدمًا لإدارة عمليات مشتركة باحترافية عالية.
وُلد سموه في 4 نوفمبر 1983م، ويحمل درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، ويترأس لجنة الحج العليا، إلى جانب عضويته في عدد من المجالس الوطنية.
وينتمي الأمير عبدالعزيز إلى إرث أمني عريق بوصفه أكبر أحفاد الأمير نايف بن عبدالعزيز – رحمه الله – أحد أبرز أعمدة تأسيس منظومة الأمن الوطني.
وقبل تعيينه وزيرًا للداخلية، شغل مناصب استشارية في الديوان الملكي ومكتب وزير الدفاع، ثم عمل مستشارًا لوزير الداخلية في شعبان 1437هـ، حيث بدأت ملامح مشروعه الأمني تتبلور.
إن الأمير عبدالعزيز بن سعود ليس مجرد وزير يدير الملفات؛ إنه قائد يعيد تعريف الأمن بوصفه مشروعًا لبناء الإنسان قبل حماية المكان، ومفهومًا يستند إلى فلسفة مؤسسية ترى أن قوة الأمن تبدأ من عدالة النظام، ووعي المجتمع، وكفاءة مؤسساته.
ولذلك، لم تعد الوزارة تحت قيادته مجرد جهاز تنفيذي، بل منظومة تعمل بروح واحدة… وتفكير واحد… ورؤية واحدة.
إنه نموذج للقيادة التي لا تكتفي بأن تشغل منصبًا، بل تصنع أثرًا يبقى!