الكاتب : النهار
التاريخ: ١٦ نوفمبر-٢٠٢٥       3245

بقلم ـ حذامى محجوب

تشهد أروقة الكونغرس الأميركي منذ أسابيع حراكا معقدا وحساسا حول مستقبل " قانون قيصر " المفروض على النظام السوري . 

 فعلى عكس كل التوقعات التي رجّحت رفع القانون دون شروط ، مستندة إلى ضغوط مباشرة مارسها الرئيس دونالد ترامب على نواب حزبه في مجلسي الشيوخ والنواب ، تعيش واشنطن اليوم حالة من التجاذب الجمهوري الداخلي غير المسبوق .

 ففي الأسابيع الماضية ، أكدت لقاءات متكررة مع مكاتب تشريعية في الكونغرس أن الاتجاه العام يميل إلى تلبية رغبة ترامب ورفع العقوبات دون قيود إضافية ، وهو ما تجسّد فعلا عندما صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية واسعة لصالح قرار رفع " قيصر " دون أي شروط . 

لكن هذا المسار سرعان ما اصطدم بعقبة غير متوقعة داخل مجلس النواب ، حيث ظهر موقف متصلّب من رئيس لجنة العلاقات الخارجية ، النائب الجمهوري براين ماست.

ماست، المحارب السابق في أفغانستان الذي فقد ساقيه في انفجار زرعته طالبان ، ينتمي إلى التيار الإنجيلي المحافظ داخل الحزب الجمهوري.

يستند موقفه إلى رؤية تعتبر أن رفع قيصر دون ضمانات واضحة لحماية المكوّنات الدينية والطائفية في سوريا يُعد مغامرة سياسية وأخلاقية غير محسوبة . ويحظى هذا الموقف بدعم شريحة مؤثرة من القاعدة المحافظة التي تشكل إحدى ركائز الدعم السياسي والانتخابي لترامب ، ما يجعل الرئيس في وضع لا يسمح له بسهولة بتجاهل هذه الاعتراضات، خصوصاً أن هذه القاعدة لعبت دورا مركزيا في عودته إلى البيت الأبيض.

 وفي محاولة للضغط على ماست وتليين موقفه ، زار الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع واشنطن خلال الأيام الماضية ، حيث التقى بالنائب الجمهوري في جلسات نقاش مطوّلة . 

لكن اللقاءات لم تُفلح في تغيير موقف ماست الذي لا يزال متمسكا بربط رفع القيصر بضمانات دولية صريحة تكفل حماية الأقليات الدينية في سوريا وآليات رقابة تضمن تنفيذ ذلك على أرض الواقع.

على الضفة المقابلة، يقود النائب الجمهوري جو ويلسون تيارا آخر داخل الحزب يدفع نحو رفع سريع وغير مشروط للعقوبات انسجاما مع توجّه ترامب ، ما فتح الباب أمام صدام داخلي بين جناحين جمهوريين :

جناح براغماتي يريد رفع العقوبات الآن لتسهيل إعادة تموضع واشنطن في الملف السوري .

وجناح عقائدي محافظ يشترط ضمانات قبل أي خطوة تشريعية . 

 ومع احتدام هذا التجاذب ، يستعد الكونغرس لجولات متتابعة من النقاشات بمشاركة أصوات سياسية وأمنية ودبلوماسية من الوزن الثقيل ، وسط بحث محموم عن صيغة يمكن أن تُرضي القاعدة الجمهورية وتحدّد مستقبل واحد من أكثر أدوات الضغط الأميركي تأثيرا في الصراع السوري.

ورغم اختلاف المقاربات وتباين الحسابات ، يبقى الهدف المعلن مشتركا : السعي نحو سوريا أكثر أمنا واستقرارا لجميع أبنائها . فمن دون استقرار شامل وحقيقي يطمئن كل المكوّنات السورية، لن يكون هناك سلام ولا إعمار ولا مستقبل قابل للحياة.