النهار

١١:٤٣ ص-٠٨ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ١١:٤٣ ص-٠٨ اكتوبر-٢٠٢٥       26180

بقلم - غازي العوني

يجب أن يتحمل كل إنسان ذو عقل حكيم، وقلب سليم، وضميرٍ يعيش الحياة، مسئوليةً إنسانيةً مشتركة لإنقاذ البشرية من الخروج عن المبادئ والقيم التي هي أصل البقاء على وجه الأرض.

فلقد وجد يونس عليه السلام معاناةً من تحمّل المسئولية في الاستمرار مع صعوبة الواقع، وذهب مغاضبًا، فلقد نفد صبره من تلك المسئولية بعد أن دعا قومه إلى حيث تكون الحقيقة.

فنحن البشر نحمل مصيرًا مشتركًا، وحقيقةً تبحث عن عقولٍ تدرك أهمية العلم والمعرفة بعدم التجاهل، وقلوبٍ تعتبر من تكرار تجارب مريرة على المجتمع الإنساني، وضمائرَ تعيش الحياة وليس الموت.

فلقد نجد من كل أطياف البشرية سلوك متطرفين خرجوا عن كل شريعة ربانية، لكن يكمن الخطر حين ينقاد رجال السياسة خلف هؤلاء، حيث الخطر الذي حذر منه كل نبي ومرسل من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام.

فلقد كانوا يدعون للسِّلم الذي هو أصل كل شريعة، وبناء كل حقيقة، وجوهر كل الإنسانية، فلا إكراه في الدين، بل على مبادئ وقيم مشتركة بين كل البشرية.

فكل من يحمل كتابًا من السماء يعلم ذلك، فلقد حُمّل الإنسان منذ ظهوره بالأرض مسئوليةً مشتركة بالدعوة إلى الحقيقة وبيانها حتى تبقى من أجل حياة كوكبٍ من الأرض تقوم على الحكمة والرحمة التي سيحاسب عليها جميع البشر في الدنيا والآخرة.

فلا يحل لك أيها الإنسان أن تظلم أو تضطهد أخاك الإنسان مع كل اختلافه، فتلك هي مسئوليتك أمام الله رب العالمين، فكل ما كان البعد عن ذلك دلّ على البعد عن التعاليم الربانية.

فقد عاد يونس عليه السلام من بطن حوت، وبطن بحر، وبطن ظلمة، من أجل أن يخبرنا أن النور هو أن نعيش مسئولية إنسانية مشتركة تنقذ كل الإنسانية من الظلام الذي يقف خلفه كل متطرف صدّ عن سبيل الله إلى حيث سُبلٍ يتربص بها عدو كل إنسان، إبليس.

فإن مكافحة التطرف ليست في الهروب من الحقيقة إلى حيث يريد التطرف، بل في الوقوف صفًا واحدًا من أجل كل الإنسانية التي تحملها كل شريعة ربانية منذ نزول آدم عليه السلام.

فقد تعلمون الحقيقة ولكنكم تتجاهلونها بسبب مفاهيم خرجت عمّا عليه الأنبياء والرسل، من أولهم إلى آخرهم، وكل الصالحين من عباده الذين يريدون أن يعمّ كل خير وليس كل شر كما هم أولئك المتطرفون.

فعلى كل إنسان واجب في مجتمعه بأن ينشر تعاليم السلام التي هي تعاليم ربانية للحياة البشرية، فلكم دينكم ولي دين، ولكن سنحاسب جميعًا فيما قدّمنا للإنسانية عند رب الناس أجمعين.

فلقد ذُكرت قصة نبي من الأنبياء لأن الجميع ممن يحملون الكتب السماوية يؤمنون به، ولم يُبصروا أنه تقديرٌ من الله جل جلاله من أجل أن نتعلم قانونًا ومبدأً وقيمةً وحكمةً ورحمةً في العلاقة الإنسانية المشتركة التي هي ضمير يرسم معالم من تكون أيها الإنسان.