النهار

٢٦ نوفمبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٦ نوفمبر-٢٠٢٥       7425

بقلم ـ محمد الفايز

في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات، وتتباين فيه الخطابات، يبقى  الصوت  الصادق هو الأقدر على صناعة الاحترام، لا الضجيج ولا الادعاء. وفي خضمّ مشاهد الإنجاز والتنمية التي يعيشها الوطن اليوم، يبرز نموذج مختلف لمسؤولٍ يضع الحقيقة في مكانها الطبيعي: الإنجاز فضلٌ من الله، ثم بفضل دعم الدولة وقيادتها الرشيدة؛ لا بفضل منطقة، ولا الفئوية، ولا شعاراتٍ يرفعها البعض بحثًا عن مجدٍ شخصي.

هذا  الصوت  هو الذي نفاخر به ونثق به… لأنه يدرك أن المنجز الوطني أكبر من أن يُختزل في فرد، وأنّ قيمة النجاح لا تأتي من الأضواء، بل من صدق العمل وإخلاص النية. وعندما يقول المسؤول كلمة الحق، فهو لا يمنح نفسه فضلًا، بل يمنح الناس يقينًا بأن ما يُحقّق على الأرض هو ثمرة عملٍ مؤسسيٍّ تقوده دولةٌ تؤمن بالكفاءة وتحتضن كل مخلص.

وعلى النقيض من ذلك، نجد من يحاول، تحت وهج الإعلام أو حماسة الظهور، أن يصنع لنفسه بطولةً مزعومة، وأن ينسب منجزات الوطن إلى ذاته، وكأن عجلة التطوير تُدار بيد فردٍ واحد. هؤلاء يسعون لبناء أمجادٍ ورقيةٍ سرعان ما تسقط أمام أول مواجهةٍ مع الحقيقة. فالحقيقة واضحة كالشمس: الفضل لله، ثم للدولة وقيادتها، ومن يدّعي غير ذلك إنما يخدع نفسه قبل غيره.

إنّ قيم النزاهة والشفافية التي تؤكدها الدولة اليوم ليست مجرد شعارات؛ إنها معيارٌ لفرز الأصوات بين من يخدم الوطن بصدق، ومن يخدم ذاته بادعاءاتٍ لا تصمد أمام الواقع. ومن هنا، يصبح من واجب الإعلام وأهله أن يبرزوا النموذج الصحيح، وأن يكشفوا زيف الادعاءات التي تحاول أن تُربك الوعي العام أو تستثمر في المناطقية والبطولات المصطنعة.

إنّ الوطن في مرحلة بناءٍ لا تحتمل المزايدات، ولا يحتاج إلى متسلّقين يبحثون عن دورٍ لا يملكونه. الوطن يحتاج إلى أصواتٍ مسؤولةٍ تعرف قيمة العمل، وتُدرك حجم الأمانة، وتقول الحقيقة كما هي، بلا تزييفٍ ولا مبالغة.

ولذا سنظل نفاخر بذلك  الصوت  الذي يربط الإنجاز بالدولة وقيادتها، لا بالذات، لأنّ الصدق وحده هو الذي يصنع أثرًا ويبني تاريخًا، أمّا الأمجاد الوهمية فلا تبني وطنًا ولا تحفظ مكانةً في ذاكرة الناس.

وما قيل يعبّر عن حقيقةٍ لا يختلف عليها اثنان؛ فالقيمة لا تُقاس بحجم الضوضاء، بل بوزن التأثير وصدق الحضور.

وفي زمنٍ امتلأ بالمظاهر، يبقى الرهان على من يضيف للمشهد معنى، لا من يزاحم بعدسةٍ أو يبحث عن صورة.

هكذا يُصنع الفرق بهدوء الأقوياء، لا بضجيج المتسلّقين.