النهار
بقلم - جمعان الكرت
برنامج “شقر” الذي تم عرضه مؤخرًا عبر القناة الثقافية حقق جملة من الأهداف الثقافية الرفيعة، أولها إبراز التراث الجنوبي ممثلاً في العرضة الشعبية وبمشاركة نخبة من الشعراء الشعبيين الذين يحملون هذا الإرث في قلوبهم وأصواتهم. كما أسهم البرنامج في إظهار الهوية العمرانية في قصر بالرقوش التاريخي وقرية الموسى التراثية، في مشهدٍ أعاد للمكان هيبته وللذاكرة حضورها.
والعرضة الجنوبية ليست مجرد أداء فلكلوري، بل هي نبض تاريخي يختزن في حركاته إيقاع الجبال وشهامة الرجال وصوت الإنسان الجنوبي عبر القرون. ففي انتظام العراضة ، واهتزاز السيوف، وعلوّ الإيقاع ، يتجلّى الفخر والانتماء، وتنهض الذاكرة بشعرٍ يفيض جزالة وقوة وبلاغة. إنها فن يُجسّد وحدة الجماعة، ويروي حكاية ارتباط الإنسان بتراب أرضه، وبقي وفيّا لقيم الشجاعة والكرم والنبل. ولذا غدت العرضة الجنوبية أيقونة للهوية، ومشهدًا يختزل جمال الجنوب وروحه الرفيعة التي لا تزال تدهش كل من يشاهدها
وهنا نقول: شكرًا لكل القائمين على هذا العمل المبدع، شكرًا لقناة الثقافية وقناة MBC، وللمقدّم المتمكن الأستاذ راجح الحارثي، وللأستاذ عبدالله بن وافية الذي أضفى بجهده وحضوره لمسة ثرية على المحتوى.
لقد جاء نجاح البرنامج ثمرةَ جهودٍ متكاملة؛ إذ أسهم الشعراء بموهبتهم وحضورهم في رفع مستوى المنافسة والجمال، كما كان للفرق الشعبية دور بارز في إتمام الصورة الفلكلورية الأصيلة. ويسأل بعض المهتمين عن عدم مشاركة بعض الشعراء البارزين، وهو سؤال مشروع، إلا أن البرنامج – بحسب ما نعلم – ماض في استمراريته، وربما حالت ظروف الوقت دون دعوة جميع الشعراء الشعبيين. ولذا نأمل أن يُعاد تقديم نسخ جديدة تتيح المشاركة لمن لم تُتح لهم الفرصة.
كما نؤكد على أهمية الابتعاد عن التنظير والحكم العاطفي بشأن الحلقات والقصائد، وترك التقييم لمن يمتلكون أدوات النقد الشعبي، القادرين على قراءة القصيدة من منظور فني وأدبي رصين بعيد عن المجاملة. وهذا لا ينتقص من حضور أي شاعر، فالجميع قدّموا إضافة جميلة، وباب التطوير مفتوح دائمًا، خصوصًا للراغبين في المشاركة في النسخة القادمة، ليقدّموا مستوى يليق بمنصة يراها جمهور واسع ويتفاعل معها.
شكرًا لكل من فكّر وأبدع وخطّط ونفّذ.
لقد أصبح برنامج “الشقر” حديث الكثيرين، والآمال معقودة على القنوات التلفزيونية بأن تواصل اهتمامها بالموروث الجنوبي، وبجماليات الشقر وقوته البلاغية، بوصفه فنًّا شعبيًا يُعبّر عن الهوية ويُلامس الذائقة، ويحمل في صداه أصالة المكان وروح الإنسان الجنوبي
العرضة الجنوبية ليست مجرد رقصة فلكلورية، بل منظومة تراثية متكاملة تحمل في طياتها تاريخ الإنسان الجنوبي وثقافته واعتزازه. وتمتاز بعدد كبير من الخصائص التي جعلتها رمزًا وهوية وشغفًا للكثيرين .