الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٥ نوفمبر-٢٠٢٥       8800

بقلم ـ أحمد المنصوري

"الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير" فالعالم من حولنا يُعاد تشكيله باستمرار بفعل التحولات التقنية وتغير سلوك المستهلكين، وهذا يعتبر مدخل لفهم ديناميكية السوق التي تختلف فيه المعايير والأهداف، لمواكبة العصر والتغييرات التي تواجه المؤسسة لأجل تحقيق أثر استراتيجي (Strategic Impact) يميزها عن منافسيها، وفي ظل تلك المستجدات واتساع خيارات العملاء، فإن الحلول التسويقية تتطلب إلى ما هو أبعد من الممارسات التقليدية للإدارة؛ يحتاج إلى رؤية تتحول إلى نتائج واضحة تعكس قوة الاستراتيجية التي تعزز الثقة وترسم موقعًا تنافسيا في السوق، يحتاج إلى بناء هوية وسمعة للمؤسسة تحقق انسجامًا بين الفكر والتنفيذ، وتوازنًا بين النمو والاستدامة، وهذا الاتساق يقودنا من مجرد عمل تشغيلي إلى قيادة إستراتيجية تصنع الفارق في السوق.

تقدم الشركات الرائدة على المستوى العالمي منتجات وخدمات تحقق أثرًا استراتيجيًا تجعلها محط اهتمام الخبراء وصنّاع القرار في الأسواق، فمثلًا Amazon أصبحت مثالاً للعلامة التي تبني ولاءً طويل الأمد عبر التجربة والخدمة، بينما رسخت Microsoft مكانتها باعتمادها نموذجًا متوازنًا يجمع بين الحلول الرقمية الذكية والتطوير المستمر لبيئات الأعمال، أما Google فقد أعادت صياغة تجربة المعلومات عالميًا، لتصبح نقطة اعتماد أساسية للمستخدمين، في حين حافظت Coca-Cola على مكانة راسخة عبر تجربة ثابتة وهوية متجددة عبر الأجيال، هذه العلامات لا تقتصر قوتها على حجمها أو انتشارها، بل على قدرتها المستمرة على إحداث أثر واضح ينعكس في ثقة العملاء وتفاعلات السوق.

وعلى المستوى المحلي، تبرز علامات سعودية استطاعت أن تحقق حضورًا مؤثرًا يعكس وضوح الرؤية و قوة الأداء، فـمصرف الراجحي نجح في بناء علاقة متينة مع عملائه عبر الخدمات الرقمية المتطورة، ليصبح من أبرز العلامات المصرفية في المنطقة، وكذلك تميز البنك الأهلي السعودي بقدرته على الاندماج مع متطلبات السوق بعد رحلة تحول واسعة عززت تفاعله وأظهرت أثرًا واضحًا في عالم المنافسة، أما الاتصالات السعودية فقد استطاعت تقديم منتجات متميزة ومتقدمة جعلتها من أهم الجهات المؤثرة في تطوير قطاع الاتصالات ومسار التحول الرقمي، في حين رسخت المراعي مكانتها وحضورها القوي في قطاع الأغذية، مما أكسبها أنتشار واسعًا عبر مختلف شرائح المجتمع، هذه العلامات تُظهر عمق الأثر الاستراتيجي المتمثل في بناء ثقة راسخة، وقيمة تقدم بصدق، وقدرة على التكيّف في عالم متغير.

بلا شَكَّ أنَّ قيمةَ المُؤَسَّسةِ لا تتحدَّدُ بما تُخَطِّطُ له فقط، وانما بما تنجحُ في تحقيقِهِ فعليًا على أرضِ الواقع، من خلال تخطيطٍ واعٍ يُحَدِّدُ الاتِّجاه، وتنفيذ منهجي يحَوِّلُ الرؤيةَ إلى نتائجَ مَلموسةٍ تُحَقِّقُ القيمةَ التي تُلَبِّي حاجاتِ ورغباتِ العملاءِ، وبذلك تستطيع المُؤَسَّساتِ ان تتحوَّلُ من مُتَلَقِّيَةٍ للتغيُّراتِ إلى صانعةٍ للمستقبلِ في عالمٍ لا يعرِفُ التوقُّف، فالأثرُ الاستراتيجيُّ لا يمثل المحطةً النهائيةً، بل روحُ النجاحِ المُؤَسَّسيِّ الذي يَمنحُ التسويقَ دورَه في توجيهِ الرؤيةِ نحو تحقيقِ النتائجِ والإنجازاتِ لإيجادِ أثر ذي قيمة ومُستدامٍ.