الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٦:٥٦ م-٣١ أغسطس-٢٠٢٥       5500

بقلم : نوره محمد بابعير 

أؤمن أن  الثقافة  لم تعد مجرد جانب تكميلي في صناعة السياحة، بل أصبحت حجر الأساس الذي يمنحها المعنى والروح. فالسائح اليوم لا يبحث فقط عن المعالم البارزة أو المواقع الطبيعية، بل يتطلع إلى خوض تجربة تُشعره بأنه يعيش لحظة حقيقية داخل المجتمع، يشارك أهله تفاصيلهم، ويقترب من هويتهم.


ولعل أبرز ما يميز المملكة في هذا الجانب هو قدرتها على تقديم ثقافة متجذرة في التاريخ وممتدة في الحاضر. فعندما يُستقبل الزائر بالقهوة العربية والتمر، أو يشاهد الفنون الشعبية، أو يشارك في الفعاليات التراثية، فإنه لا يعيش مشهدًا عابرًا، بل يلامس عمق الضيافة السعودية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الوطنية.


لقد أصبح من اللافت أن القطاع السياحي في المملكة تبنى  الثقافة  كوسيلة للتعريف بالعادات والتقاليد، فالفنادق والمنتجعات لم تعد مجرد أماكن للإقامة، بل صارت فضاءات تنبض بروح المكان، تستحضر في تفاصيلها العمارة المحلية وطرق الاستقبال التقليدية. أما المهرجانات والفعاليات الوطنية، فقد تحولت إلى منصات للتعبير عن تنوع الهوية السعودية وإبرازها في صورة حضارية متجددة، يلمسها الزائر بعينه وقلبه.


ما يجعلني أكثر قناعة هو أن  الثقافة  في السياحة لا تعرّف بالماضي فحسب، بل تفتح نافذة على الحاضر والمستقبل. فالمملكة العربية السعودية  اليوم تمزج بين الأصالة والمعاصرة، لتقدم للسائح تجربة متكاملة تجمع التراث بالفنون الحديثة، والضيافة التقليدية بالأنشطة الإبداعية المعاصرة. هذه التوليفة تمنح الزائر صورة حقيقية عن بلد ينمو بسرعة، لكنه لا يتخلى عن جذوره.


، إن الاستثمار في  الثقافة  داخل السياحة ليس مجرد خيار للترويج، بل هو رسالة إنسانية تقول للعالم: هنا أرض تحمل إرثًا حضاريًا عريقًا، وتفتح في الوقت ذاته أبوابها للمستقبل. ومن يعيش التجربة السياحية في المملكة، سيغادر وهو يحمل انطباعًا لا يُنسى عن وطن يجمع بين الكرم والتنوع والحيوية .


إنني أرى أن نجاح السياحة في المملكة لن يقاس بعدد الزوار فحسب، بل بقدرتنا على أن نجعل كل سائح يغادر وهو يحمل في قلبه قطعة من ثقافتنا وذاكرة لا تُنسى عن ضيافتنا وهويتنا.