النهار

٠١:١٢ م-١١ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠١:١٢ م-١١ اكتوبر-٢٠٢٥       3905

بقلم - منى الغامدي

برعاية كريمة من سعادة المدير العام للتعليم بمنطقة المدينة المنورة الأستاذ ناصر العبدالكريم نظمت جمعية الإدارة القيادية للموارد البشرية لقاءً نوعياً لتسليط الضوء على سيرة قائد تربوي وإداري ملهم لتوثيق سيرته العطرة فهو رمز من رموز التعليم في وطني يشهد له التاريخ والمكان والزمان والإنسان بما قدمه لوطنه بكل إخلاص وتفان وحب كبير بل بتميز وجودة عالية بأعلى مؤشرات للأداء بلغة هذا العصر ، إنه الدكتور بهجت بن حمود جنيد . ليلة حب ووفاء وعرفان وتقدير لجهوده المباركة جمعت أهله ومحبيه وزملاءه وقادة التعليم في منطقة المدينة المنورة وعلى رأسهم سعادة المدير العام.

قدمت من ينبع إكراماً له أولاً وهو في قبره فهو الأب الروحي لي وصديق وأخ للوالد- رحمهما الله- ثم إكراماً لزوجته الحبيبة الغالية صديقة أمي رحمها الله وبراً بها فهي بمثابة الأم والقلب الحنون ، وتقديراً لأخواتي وأخوتي أبناؤه الكرام . فما أجمل صلة أهل ود الأب والأم ؛فاللهم لا تحرمني صحبة من أحبهم ومن أكرمتني بالقرب منهم حتى اعتبروني من أهلهم وخاصتهم.

ليلة ملأت بالمشاعر والأحاسيس الفياضة والحب الكبير امتلأت القاعة التي أطلق اسم الدكتور بهجت بن محمود جنيد على بوابتها لتكون عبر السنين منارة علم تشع في سماء المدينة وتعطي رسالة بأن للتقدير أهله ولكل المخلصين: من يزرع يحصد ولن يتركم الله أعمالكم ، في هذه الليلة تيقنت أن الناس شهود الله في أرضه ، ليس أهل الدكتور بهجت من افتقدوه وحدهم كل من عرفه وتعامل معه يشهد له بالخلق الرفيع والفكر النير والعطاء المتجدد اللامحدود .

جلسة حوارية أدارها الدكتور منصور الحارثي وجمعت كل من معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز جنيد- معالي مدير جامعة الملك فيصل سابقا- الذي تحدث عن السيرة الذاتية والإنجازات الكبرى التي قدمها الراحل رحمه الله، والدكتور ثابت جنيد – مدير مكتب تعليم جنوب المدينة سابقا- تحدث عن القصص الملهمة وتجارب القيادة، واختتمت الجلسة الحوارية مع الأستاذ صالح المحميد قائد تربوي متقاعد وأحد قادة المدارس الرائدة المتميزة في تعليم المدينة تحدث عن الإرث وفلسفة الإدارة .

في ختام اللقاء طلبت المداخلة وأصريت عليها لأن لهذا الرجل العظيم حق في رقبتي ما حييت، أكرمني الله بصحبته في مجال التعليم ، حتى وإن لم أعمل تحت قيادته مباشرة، وللتاريخ أسجل هذا الموقف الذي كان في بداية مسيرتي المهنية في عالم الإشراف( مشرفة مقاصف وصناديق مدرسية) ولم تتجاوز خبرتي في التعليم ثمان سنوات فقط في عام 1425ه انعقد اللقاء السادس للصحة المدرسية في المدينة ، وقدمت بحثا وورقة عمل رفعت لمقام الوزارة وجاءت موافقة من وكيل الوزارة للتخطيط آنذاك الدكتور خالد العواد وخطاب شكر لورقتي وكان هذا انجازي الأول في حياتي المهنية وفرحتي لم توصف ، كدت أطير من الفرح لأنني سأشارك بورقة العمل في لقاء الصحة المدرسية وفي مدينتي مسقط رأسي وبين أهلي وبمعية والدي – رحمه الله- ، وإذ بمديرتي حينها في القسم ترفض مشاركتي وتمنعني بسبب الحفلات الختامية والإشراف عليها، فأسقط في يدي ولجأت لوالدي وقال لي لن ينصفك الا الدكتور بهجت سيجد لك مخرجا نظاميا ، وكانت أول مرة أتحدث فيها عبر الهاتف معه ووعدني بكلمة واحده أبشري بالخير وأنت صاحبة حق ونحن فخورون بك وبإنجازك ستكونين معنا غدا، وبالفعل تم الأمر واتصل بمدير تعليم ينبع الأستاذ إبراهيم فرغل ، وفي ذلك اللقاء حصلت على شهادتين الأولى وزارية والثانية بتوقيع مدير التعليم بالمدينة المنورة آنذاك الدكتور بهجت جنيد ، وعلمني في هذا الموقف أن صاحب الحق لابد أن يأخذه ولكن بكل الأدب والخلق الرفيع وفق الأنظمة واللوائح، تعلمت منه الحكمة والهدوء ولعلي اتخذت من منهجه ومنهج والدي أن لا أطرق بابا للبشر قبل أن استعين بالله ، وأن تكون صفحات وسجلات عملي المهنية إنجازات بدون شكوى واحدة فذلك سبيل لا تحمد عقباه ولن يستطيع الإنجاز خلال سنوات عمره القصيرة مهما طالت. عملت مع الدكتور في الموهبة وكنت عضوة في جمعية الموهوبين واستقيت من معين علمه وشغفه بالموهوبين وتزودت بخبرته عندما شاركت في تأسيس قسم الموهوبات في تعليم البنات بينبع وكنت أول مشرفة في القسم ومن شكلت فريق العمل فيه وأدرت أو ملتقى صيفي للموهوبات وتميزت مخرجاته ونال ثقة وفد وزاري وشكر وتقدير مميز.كما عملت معه عضوة في جمعية المدينة لتنمية المجتمع ، ورشحني للدكتور حاتم طه- رحمه الله- لأكون رئيسة فريق العمل النسائي في المراصد الحضرية بمحافظة ينبع ، أما الخبرة الأكبر والعمل الأهم كان مشروع المدارس الرائدة الذي كان عرابه الحقيقي وبعد تكليف الأستاذ حامد السلمي لي بإدارة المشروع لجأت للدكتور بهجت وطلبت منه المشورة والعون فما كان من الكريم إلا وقد غمرني بكرمه الذي فاق كل التوقعات وأبهر القيادات في تعليم ينبع ، كيف يرأس مدير التعليم ومساعده الدكتور عبدالعزيز كابلي والدكتور خالد الوسيدي رئيس الرائدة ومع كل فريق العمل من المشرفين ومدراء المدارس الأستاذ صالح المحيميد والأستاذ حسن علام يتوجهون بسياراتهم من المدينة بعد صلاة الفجر إلى ينبع ليكونوا معنا وعب النقل التلفزيوني وفي قاعة صغيرة في جمعية رضوى الخيرية النسائية كان الحدث الأهم في تاريخ تعليم البنات بينبع تم تدريب خمسين امرأة من مديرات ومعلمات واداريات وفريق العمل في المدارس الرائدة ليشهد التاريخ قصة وفاء تسطر بماء الذهب بين أهل العلم ومن نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم ، وتيقنت جينها أن الفضل لا ينسى بين أخل العلم والخير والذين صدقوا الله فيما عاهدوه عليه، بالأفعال تترجم المحبة والوفاء بين البشر في حياتهم وبعد مماتهم. أكرمني الله بمواقف كثيرة مع الدكتور رحمه الله ووضعت له صفحة في كتابي الأول ( صناعة المرأة القيادية برؤية مستقبلية )في فصل أسميته رجال عظماء في حياتي وهو فعلا كذلك؛ رحم الله صاحب الإرث الكبير والتاريخ المجيد في سيرة ومسيرة عطرة لا تمحوها السنين وحفظ الله أهل بيته الامتداد المبارك لأسرة كريمة مباركة أسعد بصحبتهم وقربهم ما حييت.