الدكتورة:مها ياسر

١٨ أغسطس-٢٠٢٣

الكاتب : الدكتورة:مها ياسر
التاريخ: ١٨ أغسطس-٢٠٢٣       37785

في ذكرى وفاته..
فلسفة الدكتور غازي القصيبي في علم الإدارة الحديثة.. 
تأملات في كتاب " حياة في الإدارة" (1)

يحل يوم 15 اغسطس ذكرى وفاة الأستاذ الجامعي، و الشاعر،و الدبلوماسي،و الوزير الدكتور غازي القصيبي –رحمه الله- ، الذي اثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات الأدبية  منها : شقة الحرية، العصفورية، سعادة السفير، الجنية، العودة سائحا إلى كاليفورنيا، حكاية حب، رجل جاء وذهب ، حياة في الإدارة وغيرها.... 

'


إن كتاب " حياة في الإدارة" والذي وصلت مبيعاته إلى (50) ألف نسخة تقريبا ،وبلغت عدد طبعاته  أكثر من (19) طبعة.  يعد بحق - من وجة نظري- أروع المؤلفات العربية التي تحكي علم الإدارة وتطبيقاته  بصورة علمية و واقعية  في آن واحد مع خبرات إدارية و حياتية لا يستهان بها ، فخرج المٌؤلف بسيط  ممتع حبب جمهور عام من القراء في هذا العلم ، بل وبسطه لهم اشد تبسيط بطريقة أدبية - سهل ممتنع- مميزه جدا. كما امتع المتخصصون في علم الإدارة عموما وإدارة الموارد البشرية خصوصا ، ممن أحبوا طريقة عرضه لتطبيقات وحالات عملية واقعية شارحة ، مثل الإدارة في بيئات مختلفة كالإدارة الجامعية ثم إدارة المرافق العامة ثم في الوزارات المتعددة و الدوواين الملكية .وكيف نجح أو فشل  في إدارتها، بالمناسبة لم يخجل من ذكر فشلة في بعض الأوقات بصدر رحب و كيف تعلم من اخطائه وتدراكها في مواضع ومناصب لاحقة  أخرى..
 عرض القصيبي من خلاله لأهم الأسس الإدارية العلمية والنظرية بصورة لا تٌشعر القارئ بمدى ثقلها لو تم سردها بالشكل العلمي النظري المعروف.أجزم لكم بهذا وقد قرأت خلال دراستي في مرحلة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة وبعدهم لأمهات الكتب في علم الادارة النظرية والتطبيقية العملية .
أن المتأمل في هذا الكتاب يجد نظريات الإدارة الحديثة قد مزجت بخبرات السنين من سياسي من طراز رفيع ، وإدارى من عيار ثقيل، وشاعر رقيق فريد . يتعامل مع البشر من منظور ما يجب أن يٌعامل به الإنسان المكرم ، مع إدارة بشكل صارم في نفس الوقت لا تخل بمتطلبات الحزم التنظيمية.أعرض عليك أيها القارئ الحصيف أمثلة لذلك من خلال عرض بعض الاقتباسات  من الكتاب مع تعليق بسيط مما استلهمته واستخلصتة خلال قرائتي المتعمقة له ...

"انك لا تستطيع أن تخضع الآخرين لسلطتك ،أي تجعلهم ينفذون ما تريد أن ينفذوه ويمتنعوا عما تريد أن يمتنعوا عما تريد أن يمتنعوا عنه،إلا عن طريق ثلاثة دوافع :الرغبة في الثواب ،الخوف من العقاب ،أو الحب والاحترام... الدرس الكبير الذي تعلمته يتعلق بترتيب الالولويات .عليك أن تبدا بتحفيز الآخرين عن طريق الحب والاحترام...أن تحبهم فيحبونك ،وتحترمهم فتجعلهم يحترمونك،وسوف تجد أن كل رغباتك قد تحققت.عندما يتعذر الوصول الى الهدف لك أن تلجأ إلى الاغراء بالثواب .عندما يفشل هذا المسعى –وعندها فقط- لك أن تلجأ إلى آخر علاج ،العقاب أو التلويح به".
تحدث كتاب الإدارة عن انواع التأثير الإداري من قبل المدير أو القائد ، مثل مبدأ العصا والجزرة ، و فن الثواب والعقاب التنظيمي...الخ ،وكلها اتفقت على أن سرعة زوال التأثير بزوال المٌؤثر ،وأضافت أن أفضل الطرق وادومها هو مبدأ التأثير بالقدوة أو النموذج فيما اطلقوا عليه مفهوم "الإدارة بالحب"  ، أضاف القصيبي في فلسفتة للإدارة الحديثة فكر جديد وجدير وهو فن التاثير بالأولى فالأولى باستنفاد الطرق بشكل تدريجي .هذا الفكر الحديث في الإدارة والذي جربه فعلا وسرد الأمثلة على مدى نجاحه في تطبيقه .
 بيد أن لطفة الجم في إختيار التعامل بأكثر الطرق تاثيراً في العاملين لم يمنعة من ذكر أن أخر العلاجات هي البتر- وهو ما يوجد فعلا في اللوائح الإدارية من تدرج أشكال العقاب الإداري من لفت النظر إلى الفصل - بعد استنفاد كافة الطرق . فطن القصيبي إلى انه يتعامل مع نفوس بشرية تحتاج قبل الاغراء بالثواب أو التخويف بالعقاب قدوة ومثل تحبه وتحترمه فيسهل عليها طاعته وتعذر وتنذر به قبل أن تُعقاب وهو من افضل الأساليب الاداريه.  
وللحديث بقية بمشيئة الله
دكتورة/مها ياسر