الدكتورة:مها ياسر
العوامل الشخصية والاجتماعية التي تبنى هويتك المهنية..
هل تقبلها.. أم تثور عليها...؟
تستحوذ الوظيفة على وقت طويل من حياة الفرد قد يصل إلى أكثر من ألفي ساعة في السنة، وهو ما يعد من أطول الأوقات التي يقضيها الفرد في حياته بعد ساعات النوم، ولا تنبع أهمية الوظيفة من العائد المادي الذي تحققه فحسب بل لما تحققه من عوائد أخرى أكثر لا تقل أهمية كالنواحي الاجتماعية والنفسية والعقلية، ووفقا ل Peterson & Gonzalez) أن مهنة الفرد تشكل حياته فلها دور مهم وأساسي في مسيرته بل في كثير من الأحيان تطغى طبيعة مهنته عليها "، ووفقًا لـ (Borchert:)" مهنة الفرد تحدد نوعية شخصيته خلال ساعات عمله وبعدها وإدراكه لذاته ولأهدافه.
وتؤثر على الفرد- في بداية مساره المهني- مجموعة من العوامل الشخصية والاجتماعية التي تحكم نجاحه أو فشله في مساره المهني. تلك العوامل التي قد تؤثر سلبا أو إيجابا في اختياره لمهنته وتفضيلاته،مما يشكل هويته المهنية في عمر مبكر من حياته.
عندما يقوم الفرد بالتخطيط للالتحاق بأول وظيفة له، ثم يبدأ العمل بها يقابل مجموعة من العناصر هي:
• قدرته على معرفة ذاته بغرض التحديد الدقيق لقدراته ومواهبه ومهاراته.
• قدرته على تحديد المجال الذي يرغب ويحب العمل فيه والمتناسب مع قدراته.
• توافر فرص عمل في المجال الذي يرغب الفرد العمل فيه.
• توافق ما حصل عليه الفرد من شهادات مع ما يرغب العمل فيه.
• توافق ما درسه الفرد في المدرسة والجامعة مع متطلبات العمل.
• زيادة طموح الفرد وعدم الواقعية في وضع الأهداف والطموحات.
• قدرته على تحميس ذاته نتيجة لصدمته بالواقع.
في دراسة أجريتها على حوالي 500 طالب ممن درستهم وتابعتهم خلال عملي في الإرشاد الأكاديمي والمهني حول العوامل الشخصية والاجتماعية التي تؤثر فيهم عند اختيار مهنتهم،جاءت النتائج الإحصائية في غالبها تشير إلى التأثير المباشر لتلك العوامل علي ذاتيتهم واستقلاليتهم عند اختيار مهنتهم. من تلك العوامل:

تؤثر وتشكل تلك العوامل هوية الفرد المهنية،والتي ما يلبث بعدها بفترة من انخراطه في العمل في مرحلة ما يطلق عليها-في علم إدارة الموارد البشرية- منتصف المسار المهني أن يسأل نفسه:
- هل أنا على المسار المهني الصحيح؟
- هل تحقق هذه المهنة طموحي أم هي مجرد مصدر للرزق؟
- هل أرى نفسي فيها بعد عدة سنوات؟
هذا ما يطلق عليه خبراء الموارد البشرية بـ "حيرة المسار المهني" الناتجة عن اختلاف العوامل الشخصية والاجتماعية المؤثرة حينها،والتي يقل فيها بشكل كبير التأثر بالضغوط الاجتماعية وتبدا مرحلة التحرر النوعي والميل للعوامل الشخصية للفرد،والتي بعدها أما يستسلم الفرد إلى واقعة المهني الذي اختاره وفقا لوعيه المهني آنذاك، والذي قد لا يعد بشكل كبير يحقق طموحة ويتوافق مع ميوله،أو يلجأ إلى الاختيار الأكثر تحديا وهو الانتقال بالمسار المهني ما يشتهر بمصطلح "Career shift".
ولكن.. كيف يتخذ الفرد هذا القرار المصيري في حياته المهنية؟
وكيف يتجنب الصعوبات والتحديدات التي تواجهه حينها؟
موضوع المقال القادم- بإذن الله-
دكتورة مها ياسر