الدكتورة:مها ياسر
مع التخصص الدراسي و الهوية المهنية لنا وقفه...
بقلم:دكتورة مها ياسر
يحتار كثير من الطلاب اثناء بدء الدراسة الجامعية في اختيار التخصص الدراسي المناسب لهم و المؤهل للوظيفة التي يتطلبها سوق العمل.
تخيلوا معي ان يصل الشاب / الشابة الي مرحلة اختيار التخصص الدراسي الجامعي المؤهل لسوق العمل ولايزال يجهل او يتحير في اختيار اي تخصص دراسي سوف يلتحق به! وقد تمتد الحيرة والتردد لشهور عديدة حتى بعد اختياره الفعلي للتخصص ويظل يسال نفسه :
هل كنت على صواب في اختيار ذلك التخصص للدراسة؟
تلك الحيرة سببها الأساسي –من وجهة نظري- عدم معرفتهم لتفضيلاتهم الدراسية المتوافقة مع ميلوهم وقدراتهم . دعوني اقول ان معظمهم لا يهتمون كثيرا بإكتشاف هذه التفضيلات والميول الشخصية المهنية. بل قد لا يعرفون بشكل محدد قيمة او كيفية التعرف عليها ومدى علاقتها بالنجاح في مسارهم المهني وحصولهم على الوظيفة المناسبة لهم.
تقدم هذه السلسلة من المقالات الأسس العلمية والعملية في كيفية اختيار التخصص الدراسي ومن ثم المهني الملائم .
(1)
ان موضوع اختيار المهنة من المواضيع المصيرية والهامة في حياة الإنسان، إذ إنه يحدد متغيرات ذات أهمية بالغة، كما يؤدي الى الارتياح النفسي والتكيّف الاجتماعي، فيقرر الى حدٍ ما المركز الاجتماعي، ورؤية الإنسان لنفسه، ومدى نجاحه وتقدمه في مهنته.
ويصنف قرار اختيار الفرد لمهنته أو لوظيفته علي أنه من أهم القرارات التي يتخذها في حياته. فوفقا لكلُ من هيكشر و بيتز " إن هناك عدداً قليلاً من القرارات التي تصنف علي أنها من القرارات عميقة التأثير في حياة البشر، منها قرار اختيار الفرد لمجال وظيفته أو مهنته".ذلك أن هذا الاختيار يؤثر علي باقي أدوار الفرد في الحياة.أن مهنة الفرد تلعب دوراً رئيسياً في حياته وشخصيته وشعوره بتحقيقه لذاته وتمثل المناخ المكون لقدرته علي اكتساب كفاءته وتميزه في مهاراته وخبراته".
ان عملية تحديد الخيارات المهنية خلال مرحلة استكشاف المسار المهني ، تجعل الفرد يتبنى خياراً محدداً يمكنه من أن يبدأ عملية تحديد مساره الدراسي أولاً ومن ثم المهني". ان " قرار اختيار المهنة" يعبر عن الحالة التي يقوم فيها الفرد باختيار نوعية ومجال الوظيفة التي يريد أن يشغلها، فحين يستطيع الفرد إحداث توافق بين قدراته ومهاراته من ناحية ومتطلبات المهنة التي توافق هذه المهارات والقدرات من ناحية أخرى، يستطيع الفرد من خلالها أن يختار المهنة أو الوظيفة المناسبة له ،وهذا هو لُب القرار، فوفقاً ل (ماهر:1995) "قرار اختيار المهنة هو نسيج لآمال الفرد مع متطلبات الوظيفة بشكل يحقق الرضا للفرد والمنظمة معاً".
ان المفتاح الاساسي والسر الكبير بل اهم العوامل التي تشكل الرشادة في قرار اختيار التخصص الدراسي المناسب هو التعرف على الخصائص والميول والتفضيلات الشخصية . هذا ما اطلق علية التعرف المبكر على " الهوية المهنية " .
ان من افضل من يقوم بها النظام التعليمي في الغرب إذ يتابع مع الاب والام منذ سنوات دراسة اطفالهم الأولى تفضيلاتهم وميولهم نحو المواد الدراسية والتي تُشكل فيما بعد شخصيتهم المهنية.بعدها يطلب من الوالدين الاشراف على تنميتها لهم من خلال الالعاب والتدريب فترة الاجازات الدراسية.ويستمر الامر في السنوات المتوسطه والثانوية أي قبل المرحلة الجامعية بالتدريب العملي في المهن المتوافقة مع تفضيلالتهم تلك. ومن ثم تجربة ذلك واقعيا بحيث يخرج الطالب واثق من اختياره الدراسي علميا وعمليا مما يسهل علية جدا قراره الدارسي و المهني فيما بعد.
من اشهر النظريات العلمية التي تناولت باستفاضة فكرة الاختيار الدراسي والمهني المتوافق مع طبيعة الخصائص الشخصية هي نظرية هولاند حيث ربط بين شخصية الفرد وتوجهه الدراسي و من ثم المهني، وكان بداية تقديمها عام (1959) . " أن الاهتمامات المهنية مصطلح يساوي شخصية الفرد "،وقامت هذه النظرية بتحديد ستة أنماط (نماذج) مختلفة للشخصية وربطها بالتفضيلات والميول المهنية
'
ولكن كيف يمكن بشكل عملي تعرف الفرد على هويته وشخصيته المهنية.. هذا عنوان المقال القادم باذن الله