النهار
بقلم- د.طارق بن محمد آل حزام
في عالم يتشكل فيه الوعي البشري يوميًا تحت ضغط التقنية والمعلومات والرموز الثقافية المتغيرة تبرز الهندسة النفسية (Neuro-Linguistic Programming – NLP) كأداة لفهم الطريقة التي يُبنى بها التفكير والسلوك بل وإعادة تشكيلها بطرق قابلة للضبط والتوجيه وهي ركيزة متقدمة في منظومة الأمن الوقائي الحديث فهي تتعامل مع الإنسان ليس فقط كهدف للحماية بل كشريك فاعل في بناء أمنه الذاتي والمجتمعي بالتالي فإن الاستثمار في تطوير واستخدام هذه الأدوات العلمية يساهم في تعزيز استقرار المجتمعات واستدامة أمنها.
في،هذه،المقالة
نستعرض مفهوم الهندسة النفسية وتطبيقاتها ومجالاتها كمدخل اجتماعي وقائي.
مفهوم الهندسة النفسية
تُعرف الهندسة النفسية بأنها دراسة وتطبيق طرق تعديل أنماط التفكير والسلوك من خلال استخدام تقنيات اللغة والإدراك الحسي والتي تعتمد على برمجة العقل الباطن بهدف تحويل المعتقدات، والسلوكيات السلبية إلى إيجابية.
ماذا يعني ذلك؟يعني أن الإنسان يستطيع تغيير العالم عن طريق تغيير ما في ذهنه !!ولكن كيف يمكنه تغيير ما في ذهنه؟هذا ما تجيب عنه الهندسة النفسية وربما وضح السبب في تسميتها بهذا الاسم لأن الهندسة تتضمن،عملية التصميم،والتطوير، والإنشاء والصيانة.
فالهندسة النفسية تتناول تصميم السلوك، والتفكير، والشعور وكذلك تصميم الأهداف للفرد،والأسرة، والمؤسسة وتصميم الطريق الموصل إلى هذه الأهداف وذلك عبرمجالاتها وتطبيقاتها.
"مجالات وتطبيقات الهندسة النفسية"
الهندسة النفسية تمدنا بأدوات ومهارات نستطيع بها التعرف على شخصية الإنسان وطريقة تفكيره وسلوكه وأدائه وقيمه والعوائق التي تقف في طريق إبداعه وأدائه وكذلك تمدنا الهندسة النفسية بأدوات وطرائق يمكن بها أحداث التغيير المطلوب في سلوك الإنسان وتفكيره وشعوره وقدرته على تحقيق أهدافه.
ويقصد بتطبيقات الهندسة النفسية NLP إلى كل شأن مما يتعلق بالنشاط الإنساني كالتربية والتعليم والصحة النفسية والجسدية والرياضة والألعاب والتجارة والأعمال والدعاية والإعلان والمهارات والتدريب والجوانب الشخصية والأسرية والعاطفية وغيرها.
*أما مجالاتها *
•ففي مجال التربية والتعليم تقدم الهندسة النفسية جملة من الطرق والأساليب لزيادة سرعة التعليم والتذكر وتشويق الطلاب،للدراسة والمذاكرة ورفع مستوى الأداء للمدرسين وزيادة فعالية وسائل الإيضاح وتنمية القدرة على الابتكار.
• وفي مجال الصحة النفسية والجسدية تستخدم طرق الهندسة النفسية ووسائلها لعلاج حالات الكآبة والتوتر النفسي وإزالة الخوف والوهم (فوبيا)وتخفيف الألم والتحكم في تناول الطعام وزيادة الثقة بالنفس وحل المشكلات الشخصية والعائلية والعاطفية.
•وفي مجال التجارة والأعمال أخذت الشركات العالمية الكبيرة مثل آى بي إم IBM وتشسيس مانهاتن Chase Manhattan Bank وموتورولا Motorola وباسفيك بيل Pacific Bell وغيرها تعتمد طرق التدريب التي توفرها الهندسة النفسية وخاصة فيما يتعلق بالمهارات اللطيفة Soft Skills وهي مهارات الأداء الإنساني في التعامل مع الاخرين وتحديد الأهداف وإدارة الاجتماعات والتفاوض وإدارة الوقت والتخطيط الإستراتيجي والإبداع وتحفيز الموظفين.
أما موضوعات الهندس النفسية:يمكن تلخيصها فيما يلي:محتوى الإدراك لدى الإنسان وحدود المدركات المكان الزمان،والأشياء والواقع (كما نفهمه) الغايات والأهداف المستقرة في أعماق النفس التواصل والتفاهم مع الآخرين انسجام الإنسان مع نفسه ومع الآخرين كيف يمكن إدراك معنى (الزمن )
الحالة الذهنية
كيف نرصدها ونتعرف عليها وكيف نغيرها دور الحواس في تشكيل الحالة الذهنية أنماط التفكير ودورها في عمليات التذكير والإبداع.
علاقة اللغة بالتفكير
كيف نستخدم حواسنا في عملية التفكير كيف نتعرف على طريقة تفكير الآخرين،علاقة الوظائف الفسيولوجية بالتفكير، كيف يتم تحقيق الألفة بين شخصين ودور الألفة في التأثير في الآخرين،كيف نفهم (إيمان) الإنسان وقيمه وانتماءه وارتباط ذلك بقدرات الإنسان وسلوكه وكيفية تغيير المعتقدات السلبية التي تقيد الإنسان وتحد من نشاطه.
دور اللغة في تحديد أو تقييد خبرات الإنسان وكيف يمكن تجاوز تلك الحدود وتوسيع دائرة الخبرات كيف يمكن استخدام اللغة في الوصول إلى العقل الباطن(أو اللاشعور) وكيف يمكن تغيير المعاني والمفاهيم.
علاج الحالات الفردية كالخوف والوهم والصراع الداخلي التحكم بالعادات وتغييرها تنمية المهارات وشحذ القابليات ورفع الأداء الإنساني.
خاتمة………
الهندسة النفسية ليست مجرد تقنية المرآة تعكس صراع الإنسان الداخلي بين الانفتاح على التغيير والخوف من فقدان السيطرة، بينما يمكن استخدامها لتحرير الفرد من أنماطه ومخاوفه السلبية.