

بقلم- إبتسام حمدان
في جوهر أي نهضة حضارية يكمن التعليم، لا كأداة لتعلم القراءة والكتابة فحسب، بل كوسيلة لبناء مجتمع مفكر، واعٍ، قادر على الإبداع والتغيير. فليس الهدف من التعليم أن نحفظ الحروف أو نعد الأرقام فقط، بل أن نُنشئ أجيالاً قادرة على التفكير النقدي، والتحليل، والإنتاج، والمشاركة الفاعلة في تقدم الأمة وازدهارها.
إن تعليم القراءة والكتابة والحساب هو الخطوة الأولى نحو الوعي، لكنه ليس الهدف النهائي. فالعلم والثقافة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية ليست مجرد نظريات جامدة تُلقَّن، بل أدوات يجب أن نُحسن توظيفها في واقعنا اليومي، وأن نترجمها إلى مشروعات، وأفكار، وسلوكيات تسهم في نهضة بلادنا وتقدم مجتمعنا.
ومع الأسف، نرى في وقتنا الحاضر ميلاً نحو السطحية في التفكير، واهتماماً متزايداً بالمظاهر، والسفر، والكماليات، في حين يُهمل الجانب الفكري والمعرفي الذي يُعد حجر الأساس لأي تطور. فالعقول الراقية لا تُقاس بما ترتديه أو ما تملكه، بل بما تُنتجه من فكر، وما تُضيفه من قيمة.
لقد سطر التاريخ أسماء علماء عظام كانوا نتاج تعليم عميق وفكر مستنير، مثل ابن سينا في الطب، والخوارزمي في الرياضيات، وابن الهيثم في البصريات، وغيرهم كثيرون ممن أحدثوا ثورات معرفية غيرت وجه البشرية، وخلّدهم التاريخ لأنهم أدركوا أن التعليم رسالة، لا وظيفة.
فلنعد النظر في مفهومنا للتعليم، ولنرسخ في نفوس أبنائنا أن التعلم الحقيقي هو الذي يُترجم إلى أثر، ويصنع فارقاً، ويُسهم في بناء حضارة لا تذبل. فبالعلم وحده تُصنع الأمم، وتتجدد الأفكار، وتُزهر الأوطان.