بقلم - محمد نديم الملاح
نعيش اليوم زمن التحولات الكبرى، زمن تتسارع فيه الأحداث وتتبدل فيه موازين القوى، لتبرز من قلب الرياض شخصية استثنائية جمعت بين الحزم والطموح، والرؤية والإبداع: الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، الذي غدا أيقونة للقيادة الملهمة، ومهندسًا لمستقبل أمة برؤيته الطموحة رؤية المملكة 2030، أعاد ترتيب الأولويات الوطنية، وأطلق مشروعًا حضاريًا متكاملاً يهدف إلى جعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
لم تقتصر هذه الرؤية على الاقتصاد أو المجتمع فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى ترسيخ صورة جديدة للمملكة: دولة قوية فاعلة ذات حضور عالمي، تنبض بالحيوية وتواكب طموحات أجيالها الصاعدة وطموح الأجيال العربية.
من المؤسس إلى جيل الرؤية
هذا التحول الكبير لم يأتِ من فراغ، بل كان امتدادًا لمسيرة تاريخية أصيلة بدأت منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز، رحمه الله، الذي وضع اللبنات الأولى للدولة السعودية الحديثة على أسس من الإيمان والوحدة والحكمة.
الملك فيصل... صوت المبدأ واستقلال القرار
كان الملك فيصل بن عبد العزيز نموذجًا للثبات على المبدأ، إذ عزز استقلال القرار العربي، ووقف نصيرًا صادقًا للقضية الفلسطينية.
الملك فهد... اتفاق الطائف وبناء السلام
أما الملك فهد بن عبد العزيز، فكان قائدًا رسّخ الاستقرار الداخلي وأرسى نهجًا سياسيًا حديثًا، وعزّز حضور المملكة إقليميًا ودوليًا.
وفي عهده تم اتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وكان تجسيدًا للدور السعودي التاريخي في صناعة السلام العربي وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
الملك عبد الله... الأرض مقابل السلام
شهدت المملكة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز نقلة نوعية، حيث انطلقت مشاريع التنمية والبنية التحتية، وترسخت مبادئ العدالة الاجتماعية والحوار بين الشعوب.
كما برز دوره الدبلوماسي العربي من خلال قمة بيروت عام 2002، وإطلاق مبادرة السلام العربية (الأرض مقابل السلام).
عهد الملك سلمان... مرحلة الحسم والبناء
في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، دخلت المملكة مرحلة جديدة من الحكمة والحزم، اتسمت برؤية واضحة وإدارة دقيقة للتحديات الإقليمية والدولية.
أعاد خادم الحرمين الشريفين صياغة أولويات الدولة، وأطلق مسيرة التحول الشامل التي توّجها بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
الدبلوماسية السعودية... صوت الحكمة والاتزان
برزت الدبلوماسية السعودية في عهد الأمير محمد بن سلمان كأحد أعمدة السياسة العالمية المعاصرة، إذ تحولت الرياض إلى منصة للحوار وبناء التفاهمات بين القوى الدولية، مستندةً إلى مبدأ الحياد الإيجابي والوساطة البناءة.
وتجلّى هذا الدور بوضوح في مواقف المملكة من القضية الفلسطينية، حيث قادت حراكًا سياسيًا واسعًا في المنظمات الدولية لدعم الاعتراف بدولة فلسطين، وقد أثمرت تلك الجهود عن اعتراف 157 دولة من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين.
وليس هذا الموقف جديدًا؛ فالمملكة كانت وما زالت وسيطًا نزيهًا يسعى للسلام العادل، من اتفاق الطائف في عهد الملك فهد، إلى مبادرة السلام العربية في عهد الملك عبد الله، وصولًا إلى التحركات الدبلوماسية الحديثة بحكمة الملك سلمان بن عبد العزيز وأيقونة الفكر الاستراتيجي الأمير محمد بن سلمان.
رؤية الأمير محمد بن سلمان... بناء الإنسان والمكان
رؤية الأمير محمد بن سلمان ليست مجرد أفكار طموحة، بل خطط واقعية ، تجسدت في مشاريع عملاقة مثل نيوم وذا لاين وبرامج التخصيص وتمكين المرأة.
كما شملت الرؤية اهتمامًا بخدمة الإسلام والمسلمين من خلال مشروع توسعة الحرمين الشريفين، الذي يُعد الأكبر في تاريخ المملكة، إضافةً إلى حماية الآثار التاريخية وتراث المملكة مثل العلا والدرعية.
الرياض... عاصمة القرار العربي والدبلوماسية العالمية
لقد قدّم الأمير محمد بن سلمان نموذجًا جديدًا للقيادة في العالم العربي، قيادة تجمع بين الجذر الأصيل والانفتاح الواعي، بين الاعتزاز بالهوية والانطلاق نحو المستقبل.
إنها رؤية تؤمن بالعلم والمعرفة، وتستثمر في الإنسان و البنيان، وتضع المواطن ا شريكًا حقيقيًا في مسيرة التنمية.
واليوم، تعيش المملكة العربية السعودية لحظة تاريخية فارقة، تنهض فيها بسواعد شبابها، وتستند إلى تاريخها المجيد، لتصنع غدًا أكثر إشراقًا لأمتها العربية والمنطقة بأسرها.
هي لحظة لا تُصنع في يوم، بل تُبنى بالإصرار، وتُروى بالعزيمة، وتُضيء الأفق لمن يؤمن بأن الرياض اليوم ليست فقط عاصمة المملكة، بل عاصمة القرار العربي والدبلوماسية العالمية.