النهار

٢٨ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٨ اكتوبر-٢٠٢٥       6930

بقلم -  اللواء م عبدالله بن ثابت العرابي الحارثي

في عالم السياسة المتقلب، تظل  المملكة العربية السعودية  مثالًا فريدًا على القوة بهدوء، وعلى القدرة على صناعة الموقف دون ضجيج.

فبينما تتسرع بعض الدول بالتصريحات والردود الانفعالية، تختار السعودية الصمت المدروس، الذي يحمل في طياته هيبة تجعل الخصم يراجع نفسه قبل أن ينطق بكلمة أخرى.

آخر دليل على ذلك جاء مع تصريحات  وزير المالية الإسرائيلي  بتسلئيل سموتريتش، الذي أطلق كلمات مسيئة تجاه المملكة في تجاوزٍ سياسي وأخلاقي أثار ردود فعل واسعة.

لم يمض وقت طويل حتى سمع  العالم باعتذار علني وسريع من الوزير نفسه خلال أقل من عشر ساعات، في سابقة نادرة في التاريخ السياسي الإسرائيلي.

الاعتذار لم يكن مجرد كلمات، بل مؤشر واضح على مكانة السعودية وهيبتها التي تفرض الاحترام حتى على من يختلف معها.

الصمت السعودي هنا جاء أبلغ من أي رد لفظي، فقد ترك المشهد يشرح نفسه، ليؤكد أن المملكة لا تحتاج إلى التعليق لتوضح موقفها.

مجرد وزنها السياسي والاقتصادي والروحي كفيل بأن يجعل الآخرين يتراجعون من تلقاء أنفسهم.

وفي المقابل، حاول البعض استغلال تصريحات الوزير للنيل من المملكة، مدّعين أن السعوديين لن يردوا أو يعقبوا.

لكن المفاجأة جاءت سريعًا، إذ أقدم الوزير نفسه على اعتذار صريح لم يسبق له مثيل في مثل هذا السياق السياسي، قائلاً: «تصريحي لم يكن موفقًا فيما يتعلق بالمملكة، وأنا آسف على الإهانة التي سببتها، وأتوقع ألا يضرونا .

هذا الاعتذار يعكس إدراكه العميق لمكانة السعودية وثقل موقفها دوليًا، ويبيّن أن المملكة لا تحتاج إلى ردود رسمية لتفرض احترامها وهيبتها.

الصمت السعودي لم يكن ضعفًا، بل كان رسالة قوية وهادئة، تثبت أن الدولة التي تُدير المواقف بحكمة تستطيع أن تجعل الآخرين يراجعون أقوالهم قبل أفعالهم.

إن ما جرى يثبت أن قوة السعودية ليست في الكلمات، بل في المهابة التي تفرضها مواقفها الراسخة.

وحين تختار المملكة الصمت، فإنها تعلّم العالم أن الهيبة تُكتسب بالمواقف والتاريخ والثقة، لا بالتصريحات وحدها.