النهار

٢٨ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٨ اكتوبر-٢٠٢٥       8140

بقلم - نانسي اللقيس 

​تتجه بوصلة التنمية العربية اليوم نحو الرياض، حيث تتحول الدبلوماسية الاقتصادية إلى محرك أساسي لتغيير مسار الأزمات. وتأتي مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في "مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار" بنسخته التاسعة لتؤكد هذا التحول، معلنة بداية فصل جديد في العلاقات السورية-السعودية يقوم على مبدأ الشراكة الاستراتيجية. هذه اللحظة الحاسمة تضع المملكة في صدارة الجهود الإقليمية الهادفة إلى إرساء قاعدة صلبة للتعافي في سوريا، باستخدام الثقل المالي العالمي كأداة لضمان الاستقرار.
​المملكة، عبر استضافتها لهذا المحفل العالمي الذي يجمع أكبر المؤسسات المالية ورؤوس الأموال المؤثرة، تستخدم نفوذها لتقديم دمشق على أنها شريك تنموي مستقبلي، قادر على استيعاب الاستثمارات وليس مجرد ملف بحاجة إلى إغاثة. هذا التوجه الطموح يهدف إلى توجيه رؤوس الأموال العالمية، التي يحشدها مؤتمر "FII"، نحو مشاريع إعادة البنية التحتية والمنشآت الحيوية ذات الأثر المستدام. إنها فرصة للقيادة السورية لكسر العزلة الاقتصادية عبر مخاطبة كبرى الصناديق السيادية وعرض الفرص الواعدة التي تضمن عوائد مجزية للمستثمرين.
​الدعم السعودي هنا يتجاوز المساعدة المالية التقليدية ليشمل بناء بيئة عمل جاذبة لرأس المال. فبدلاً من التمويل الظرفي، يتم التركيز على خلق شراكات مستدامة في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، وتوطين التقنيات الحديثة، وإعادة تأهيل القطاع الصناعي. هذا التوجيه يضمن تأسيس نظام اقتصادي سوري قادر على توليد فرص العمل والاعتماد على الذات، وهو الأساس الذي لا يمكن بدونه تثبيت أي حلول سياسية طويلة الأمد. إن وجود الرئيس الشرع تحت مظلة "FII" يمنح القطاع الخاص العالمي الطمأنينة والثقة اللازمتين لاستئناف النشاط التجاري والاستثماري في البلاد.
​تُرسخ هذه الشراكة الجديدة التزام الرياض بالعبور بالمنطقة نحو مرحلة من التكامل والتعاون الاقتصادي. فالمملكة تؤمن بأن ازدهار الشام يمثل حصناً قوياً للأمن الإقليمي. وبناءً عليه، تُعد هذه الزيارة بداية فعلية لمسار شامل، تضع فيه السعودية ثقلها لضمان عودة سوريا قوية ومستقرة، لتصبح شريكاً فاعلاً ومؤثراً في بناء مستقبل الشرق الأوسط التنموي المشترك.