النهار

١٨ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ١٨ اكتوبر-٢٠٢٥       9185

بقلم - محمد الفايز

في عالمٍ تتسارع فيه الكلمة، وتتّسع فيه مساحة الرأي، يبرز الجهل كأخطر ما يهدّد الوعي الجمعي، حين يتحوّل إلى منبرٍ للحماقة، وسلاحٍ في أيدي من لا يُدركون تبعات القول ولا عواقب الفعل.

من الحماقة أن يجعل البعضُ من خطأ فردٍ أو تصرّف مجموعةٍ ذريعةً للإساءة إلى الدول ورموزها، وكأن الأوطان تُختزل في زلّةٍ عابرةٍ أو موقفٍ محدود.

تلك عقولٌ أسيرةُ الانفعال، لا ترى الصورة كاملة، ولا تفرّق بين السلوك الفردي والموقف الرسمي، في دولٍ تُحاسب من يخالف الأنظمة ويتجاوزها، بخلاف من لا يردع المتجاوزين عن عبثهم.

العاقل هو من يُنصف ويزن الأمور بميزان الوعي، أما الجاهل فيُعمّم، ويحوّل الخطأ الجزئي إلى خصومةٍ مع الدول، متغافلًا عن القيم والمبادئ التي تحفظ للرموز مكانتهم، وللأوطان هيبتها.

ويزداد المشهد قتامةً حين نرى من يعيش على الطائفية، ويتغذّى من نيرانها، عبر قنواتٍ رسميةٍ وأصواتٍ إعلاميةٍ تقتات على بثّ الفتنة والكراهية، في صورةٍ صارخةٍ للجهل المركّب.

فأولئك لا يجهلون فحسب، بل يجهلون أنهم يجهلون؛ يمارسون التضليل بوعيٍ غائب، ويدّعون المعرفة وهم في غياهب الغفلة.

ويبقى القول: الجهلُ بابُ الحماقة، والعقلُ سبيلُ الوعي، ومن ضلّ عن أحدهما ضاع في الآخر.