بقلم - أحمد الظفيري 

تشهد المدن السعودية اليوم مرحلة جديدة من الازدهار العمراني والاقتصادي تعكس ما تنشده رؤية السعودية 2030 من بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح. وفي قلب هذا الحراك تأتي الاستثمارات البلدية كأداة تمكينٍ فاعلة تسهم في تعزيز حيوية المدن واستدامة مواردها، وتفتح آفاقًا واسعة أمام أبناء الوطن وبناته لاستثمار طاقاتهم ومواهبهم في أنشطة موسمية تواكب تنوّع المناخ والمواسم وتحوّلات المدن.

لقد أصبح  الاستثمار البلدي  اليوم أكثر من مجرد تخصيص مواقع أو طرح فرص؛ إنه منظومة حيوية تعمل على تفعيل المزايا النسبية لكل مدينة، وتحويلها إلى فرص اقتصادية واقعية تخلق قيمة مضافة للمجتمع المحلي. فالأمانات والبلديات في مختلف المناطق باتت تُقدّم آلاف الفرص الموسمية المؤقتة التي تمتد من يوم واحد إلى ستة أشهر، وتتنوع بين الفعاليات والمهرجانات والمقاهي والمطاعم والأنشطة الترفيهية والسياحية والبحرية.

وهذا التنوع في الفرص يُسهم في خلق تنافس إيجابي في الابتكار داخل هذا القطاع الحيوي، حيث تتبارى الأفكار الجديدة والمشاريع الناشئة في تقديم تجارب نوعية تثري المشهد الاقتصادي والحضري على حد سواء، وتُحفّز روح الإبداع لدى الشباب والمستثمرين المحليين.

إن ما يميز هذه المبادرات أنها تُجسّد مفهوم المدينة المنتجة، التي لا تكتفي بتقديم الخدمات، بل تُسهم في تحريك الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل موسمية تسهم في تمكين الشباب والشابات من خوض تجارب عملية واقعية تعزز مهاراتهم وترفع من كفاءتهم. كما أن هذه الأنشطة الموسمية تُسهم في تنشيط الحركة التجارية وتحفيز السياحة الداخلية، وتدعم استدامة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بوصفها رافدًا أساسيًا للاقتصاد الوطني.

وتتجاوز أهمية هذه الجهود بعدها الاقتصادي إلى البعد الحضري والاجتماعي، إذ تُسهم في إثراء المشهد العمراني وتحسين جودة الحياة في المدن، من خلال مساحات نابضة بالأنشطة والتفاعل المجتمعي، تُعزّز روح المكان وتُعبّر عن هوية كل مدينة وطابعها الخاص.

وفي هذا السياق، تمثل الفرص الاستثمارية الموسمية التي تتيحها منظومة  الاستثمار البلدي  مسارًا واعدًا لأبناء الوطن وبناته، لتوظيف قدراتهم وابتكاراتهم في مشاريع صغيرة ومتوسطة تحقق مردودًا اقتصاديًا وتُثري المشهد الحضري في مدن المملكة. إنها فرصٌ تحمل في جوهرها معنى المشاركة في التنمية، وتحويل الأفكار إلى واقعٍ يسهم في ازدهار المدن وحيويتها.