النهار
بقلم - محمد الفايز
في أروقة العمل الإداري، كثيرًا ما تتعثّر بعض القرارات لأنها صيغت من خلف المكاتب لا من قلب الميدان.
إذ يقع بعض المسؤولين في فخّ اتخاذ قراراتٍ لا تمتّ إلى الواقع بصلة، لأنها بُنيت على تصوّراتٍ نظرية أو آراء من أطرافٍ بعيدةٍ عن مكامن المشكلة.
إنّ الدراسة التي تُبنى على معطياتٍ غير واقعية، تظلّ معلّقةً في الهواء مهما بدت متقنةً في الشكل.
فحين يستند القرار إلى من ينقل الصورة كما يريد لا كما هي، يصبح التنفيذ شكليًّا والنتائج مؤقتة، لأن الأساس ذاته كان غير واقعي أو ناقصًا.
التجربة الميدانية هي المعيار الحقيقي لكفاءة المسؤول؛ فهي التي تكشف الفجوات، وتضع اليد على مكامن الخلل، وتمنح القرار مصداقيةً وفاعلية.
المسؤول الواعي هو من ينزل إلى الميدان، يسمع مباشرةً من الناس والمستفيدين، ويرى التفاصيل بعينه لا عبر تقاريرٍ منمّقة.
فالميدان لا يكذب، ولا يجمّل الحقائق.
ومن عاش التجربة الواقعية يدرك أن الحلول لا تأتي من أوراق الاجتماعات فقط، بل تُستخلص من الممارسة والتفاعل والخبرة اليومية.
وفي النهاية، يبقى الميدان هو المختبر العملي الذي يُثبت صدق التوجّه، ويُظهر الفرق بين من يقرّر بناءً على واقعٍ ملموس، ومن يكتفي بقراءة ما يُعرض عليه من تصوّراتٍ بعيدةٍ عن الحقيقة.
فالتجربة خيرُ برهان، والميدان هو المرآة الصادقة للمسؤول الكفء، الذي لا يخشى مواجهة المشكلة، بل يصنع منها طريقًا للتصحيح والتطوير.