الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٨:١١ م-٠٨ مارس-٢٠٢٥       4730

بقلم - إبتسام حمدان
رمضان كان وما زال شهرًا مميزًا، يحمل معه مشاعر الإيمان، والرحمة، والتواصل العائلي. في الماضي، كانت العائلات تتجمع حول مائدة الإفطار، يشارك الكبير والصغير الطعام والقصص والضحكات، وكان للمحبة حضورها الدافئ بين الجدران الضيقة للبيوت المتواضعة. ورغم قلة الإمكانيات، كانت النفوس غنية بالمحبة والعطاء، وكانت صلة الرحم أولوية لا يتهاون فيها أحد.

أما اليوم، فقد تغير المشهد. أصبحت البيوت أكبر وأكثر رفاهية، وتوفرت فيها جميع وسائل الراحة، ولكنها باتت خاوية من روح الحياة والتجمعات العائلية الحقيقية. كثير من العائلات تفطر كلٌ في ركنه، تفرقهم الأجهزة الإلكترونية، والانشغالات، وأحيانًا الكسل. ورغم سهولة التواصل، إلا أن الأرحام تقطعت، ولم يعد التواصل الحميمي كما كان.

فأين الخلل؟
هل هو في تغير الزمن؟ أم في الناس أنفسهم؟ أم في انشغال الجميع بأنفسهم وعالمهم الافتراضي؟ ربما يعود السبب إلى الروتين الذي أفرغ العلاقات من محتواها الحقيقي، أو إلى ضعف صلة الرحم التي حثّنا عليها النبي ﷺ وجعلها سببًا للبركة في العمر والرزق.

لا يمكننا تحميل الزمن وحده مسؤولية ما يحدث، فالزمن لا يتغير وحده، بل نحن من نغيّر أنفسنا وعاداتنا. التكنولوجيا ليست شرًا بحد ذاتها، ولكن طريقة استخدامها قد تفرّق بدل أن تجمع. والانشغال بالحياة ليس عذرًا لقطع صلة الرحم أو إهمال العائلة.

لكن  رمضان  القديم سيعود!
سيعود عندما نعيد لقيمنا مكانتها، ونعيد إحياء العادات التي جمعت قلوبنا قبل أن تفرقها الشاشات. سيعود عندما نضع العائلة في مقدمة اهتماماتنا، ونخصص وقتًا لمن نحب، ونتبادل الزيارات كما كان يفعل آباؤنا وأجدادنا. سيعود عندما ندرك أن السعادة الحقيقية ليست في وفرة المال ولا في تكديس الممتلكات، بل في دفء العائلة، ولمة الأهل، والتواصل الصادق الذي يملأ القلب راحة وسكينة.

رمضان القديم لم ينتهِ، إنه ينتظر منا فقط أن نفتح له الباب من جديد،،،