النهار

٢٣ نوفمبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٢٣ نوفمبر-٢٠٢٥       2475

بقلم - مبارك بن عوض الدوسري

برحيل القائد الكشفي زيد بن سيف البتال – الأمين العام لرابطة رواد الكشافة السعودية – يوم السبت 1 جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 22 نوفمبر 2025م، طُويت صفحة رجلٍ استثنائي، لم يكن مجرد اسمٍ في سجل الحركة الكشفية، بل كان ركناً أصيلاً من أركانها، ورمزاً من رموز عطائها، وحضوراً لا يُشبه إلّا الإخلاص ذاته.
لم يكن فقدُ البتال – رحمه الله – حدثاً عابراً، ولا خسارة يمكن تجاوزها بسهولة؛ فقد غاب رجلٌ عاصر العمل الكشفي منذ صباه، ونذر شبابه ورجولته ليكون جزءاً من نبضها وتاريخها، حتى أصبح اسمه مقترناً بثقافة العطاء، ومثالاً يُحتذى به في الوفاء للعمل التطوعي؛ التاريخ الكشفي – وهو الذي لا يُجامل – سيكتب اسمه بحروفٍ من نور، تقديراً لِما قدمه من إخلاصٍ وصدق، وما جسّده من قيمٍ محورية حرص على تكريسها طوال مسيرته.
امتاز الراحل بهدوئه الذي يشي بثقةٍ عميقة، وبحكمةٍ تنعكس في كل قرار؛ كان متواضعاً رغم مكانته، صادقاً رغم تحديات العمل، نزيهاً شفافاً، يحترم الرأي والرأي الآخر، ويُحسن الإصغاء قبل أن يُحسن القول؛ ولأن القيادة ليست منصباً بل روحاً، كان البتال قائداً بالفطرة، يجمع بين العلم والذكاء والكفاءة والعقل والإخلاص والأدب؛ شخصية نادرة في طباعها، فريدة في عطائها، صادقة في رسالتها.
لم يكن عطاؤه للكشافة منفصلاً عن مسيرته التربوية والتعليمية؛ فقد سخّر حياته في خدمة دينه ووطنه يوم كان في الميدان التعليمي، فذاع صيته بالبذل والانضباط والقدرة على التأثير، ثم استثمر تلك الخبرة في خدمة الحركة الكشفية محلياً وعربياً، فترك بصماتٍ واضحة في تطوير أمانة رابطة رواد الحركة الكشفية، وأسهم في نقلها إلى آفاقٍ أرحب من التنظيم والهوية والفاعلية.
كان دبلوماسياً في تعامله، موضوعياً ورزيناً وصريحاً عند مواجهة التحديات؛ لا يبحث عن الظهور، بل عن الأثر؛ ولهذا شعر الجميع بالخسارة؛ إذ فقدت الكشافة السعودية والعربية شخصيةً قديرة ومخضرمة، لا تتكرر بسهولة، ولا يمكن تعويض حضورها ولا حكمتها.
رحل زيد البتال، لكن ميراثه من القيم سيبقى، وروحه ستظل حاضرة في كل ميدان كشفي، وفي كل مبادرة تُبنى على الإخلاص والصدق وخدمة الوطن؛ لقد علّم من خلال سيرته قبل مسيرته أن الكشاف الحقيقي هو الذي يترك أثراً، وقد ترك أثراً لا يُمحى.
عزاؤنا للكشافة السعودية والعربية، ولأسرة الفقيد الراحل.
وإنا لنسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويجزيه عن خدمته لدينه ووطنه وحركته الكشفية خير الجزاء.