النهار
بقلم - حذامي محجوب
يستعد الرئيس السوري أحمد الشرع لزيارة تاريخية إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أول زيارةٍ من نوعها لرئيسٍ سوري منذ استقلال البلاد عام 1946. زيارةٌ تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية بالغة الدلالة، وتجسّد تحولًا نوعيًا في موقع سوريا الإقليمي بعد سنواتٍ من العزلة والتوتر.
تأتي هذه الخطوة ثمرةَ جهودٍ دبلوماسية رصينة قادتها المملكة العربية السعودية بحكمة واتزان، إدراكًا من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن استقرار المشرق العربي لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن دمشق، وأن إعادة دمجها في المشهدين العربي والدولي يمثل ركيزة أساسية لتوازن المنطقة. لقد نجحت الرياض في تهيئة المناخ للحوار وكسر الجمود بين العواصم الكبرى ودمشق، لتعبّد الطريق أمام لقاءٍ في البيت الأبيض بين الشرع وترامب، يُعيد سوريا إلى قلب الخريطة الدولية.
وتشير التسريبات إلى أن الملفات المطروحة ستشمل مكافحة الإرهاب، رفع العقوبات الاقتصاديّة ، وإعادة الإعمار، مع احتمال إعلان دمشق رسميًا انضمامها إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية. من ساحة للحرب إلى شريكٍ في صناعة الاستقرار، هكذا تعيد دمشق تموضعها في المشهد الإقليمي.
ومن المنتظر أن تنعكس نتائج هذه الزيارة وتفاهماتها على مستقبل العلاقات العربية – السورية، إذ تؤكد دول الخليج أن أي انخراطٍ في إعادة الإعمار أو دعمٍ اقتصادي سيظل مشروطًا بضمان وحدة الأراضي السورية، وإنهاء الصراعات الأيديولوجية والعرقية، وترسيخ الاستقرار الامني في وجه الفوضى والتطرف.
بهذه الزيارة، تدخل دمشق مرحلةً جديدة من تاريخها السياسي، عنوانها الانفتاح الواقعي والمسؤول، فيما تثبت الرياض مجددًا أنها ليست مجرد وسيطٍ دبلوماسي، بل قوةُ توازنٍ تُعيد صياغة ملامح المشرق بأكمله.