بقلم - شفق السريع
في مشهد ثقافي يفيض بالحياة و التجدد، يطل معرض الرياض الدولي للكتاب كل عام كأحد أبرز الفعاليات التي ترسم ملامح التحول الثقافي في المملكة العربية السعودية، و تؤكد أن الاستثمار في الإنسان و المعرفة أصبح ركيزة أساسية في مشروع النهضة الوطنية و العربية..
و في وسط عالم تسوده السرعة الرقمية، يعيد المعرض الاعتبار للكتاب بوصفه رمزًا للوعي و الفكر و مصدرًا للإلهام و التنوير.. عشرات الآلاف من الزوار يتجولون بين أجنحته التي تضم مئات دور النشر من مختلف أنحاء العالم، في مشهد يعكس شغفًا سعوديًا متجددًا بالقراءة والمعرفة، و رغبةً حقيقيةً في استعادة الدور الحضاري للثقافة العربية..
لم يعد معرض الرياض الدولي للكتاب مجرد حدث لبيع الكتب، بل تحول إلى ملتقى فكري و إنساني يجمع المثقفين و الكتّاب والمبدعين من داخل المملكة وخارجها.. و على مدار أيامه تحتضن قاعاته عشرات الندوات و المحاورات الأدبية و الفكرية التي تفتح المجال للنقاش حول قضايا الهوية و التحول الثقافي و مستقبل الأدب العربي في عصر العولمة..
يحمل المعرض في مضمونه روح رؤية السعودية 2030 التي وضعت الثقافة ضمن أهم محاور التنمية.. فالمعرض اليوم يجسد هذا التوجه بوضوح، من خلال دعمه لصناعة النشر المحلية و تمكين الكتّاب الشباب و فتح الآفاق أمام الإبداع السعودي ليصل إلى العالم..
و بين أجنحته تتجسد فكرة أن الثقافة ليست ترفًا، بل قوةً ناعمة تصوغ صورة السعودية الجديدة المنفتحة و الواثقة من هويتها..
لم يقتصر تأثير المعرض على الداخل السعودي، بل امتد ليشكل منارة فكرية عربية.. فحضور النخب الثقافية من مختلف الدول العربية أسهم في تعزيز التواصل المعرفي، و تبادل الخبرات و إحياء اللغة العربية بوصفها لغة فكر و ابتكار.. فالمعرض أصبح فضاءً عربيًا مشتركًا يعيد للثقافة دورها الريادي في توحيد الوجدان العربي عبر الكلمة و الكتاب..
في جوهر كل هذا الحراك، يقف الإنسان السعودي و العربي المستفيد الأكبر من هذه النهضة الثقافية.. فالمعرض يعزز قيم الحوار و الانفتاح و التسامح، و يغرس في الأجيال الجديدة حب المعرفة و التفكير النقدي، بل و يصنع مواطنًا قارئًا و مثقفًا و مشاركًا في صناعة المستقبل..
إن معرض الرياض الدولي للكتاب ليس مجرد تظاهرة ثقافية، بل هو مؤشر على نهضة فكرية متكاملة تعيشها المملكة و العالم العربي.. فمن بين رفوف الكتب و ندوات الحوار، تنبثق ملامح إنسان جديد يؤمن بأن الثقافة هي الطريق الأجمل نحو التطور، و أن الكتاب سيظل دائمًا البوابة الأوسع لنهضة الأمم..