أحمد سليمان النجار 

١٢:٣٥ ص-٠٧ اكتوبر-٢٠٢٤

الكاتب : أحمد سليمان النجار 
التاريخ: ١٢:٣٥ ص-٠٧ اكتوبر-٢٠٢٤       4510
بقلم | أحمد سليمان النجار
 
اكتمل عدد الركاب في السيارة ( الكابريس ) وانطلقت بهم مُسرعةً نحو وجهتها , بعد مسافة , لاحظ الركاب أن السائق لايُخفف من سرعته أبداً ، رغم كل المنعطفات التي تحتاج لذلك ..!!
سأله الراكب الذي بجواره :
لماذا أنت مُسرع هكذا ؟!!
فأجابه السائق بغضب :
( تعرف للكابريس ) ؟!!
فقال الراكب : لا
فقال السائق : ( أجل أسكت ..)
بعد فترة صاح أحد الركاب من المقعد الخلفي ، على السائق :
( أنت ناوي تذبحنا ؟!!)
فأجابه السائق بغضب أشد :
( تعرف للكابريس ) ؟!!
فقال الراكب : لا
فقال السائق : ( أجل صك فمك ..)
عندها تحدث راكب آخر وقال :
 ( أنا أعرف للكابريس )
فبكى السائق وقال :
 ( الفرامل ماتشتغل ، كيف أوقف المصيبة هذي ؟!! ) 😁
..
يروى رجلٌ يقول :
ذات حلم في ليلة صيف , تخيلت أني تاجرٌ و( ملياردير ) , وقررت أن أحول هذا الحلم لواقع , ففتحت محلاً لبيع الفواكه والخضار , ولأسباب عديدة , لم ينجح المشروع , وكنتُ كلما أردت الانسحاب منه , تقول لي زوجتي وبكل حب ومساندة  :
لاتيأس , الأمر يحتاج للصبر ..
وكانت تُشفقُ عليَّ من أثر الفشل النفسي , وفي مرة تخلصت من المحل ثم أخبرتها بذلك وكأني أضعها أمام الأمر الواقع ..!!
وعندما تأكدت زوجتي أني تخلصت فعلاً من المحل , تنفست الصعداء , وقالت بفرح بالغ :
اللهم لك الحمد ولك الشكر , أخيراً ..!!!
فاستغربتُ من ردة فعلها , وسألتها عنها , فقالت :
ياحبيبي ذبحتنا بالخضار المخمج , نفسي في فاكهة طازجة ..!!
عندها تنبهت أني كنت كلما اقتربتْ فاكهةٌ أو خضار من الفساد جمعتها وأحضرتها للمنزل ..!!!😁
..

هاتان الحادثتان هما نموذج واضح للعلوق في أمرٍ ما أو وضع ما أو علاقة ما , وهذا العلوق يختلف عن الإدمان , فالإدمان هو الاعتماد الحرفي على أمرٍ ما , ولكن العلوق في أمرٍ ما , هو البقاء فيه , ولكن لايعني ذلك أن العالق معتمدٌ عليه , ورغم علم العالق - وكذلك المدمن - بضرر بقائه في هذا الوضع أو تلك العلاقة , إلا أنه لايحاول المغادرة منه ..!!
رغم مافي البقاء  -في كثير من ألأحيان - من معاناة وألم واستنزاف مادي ومعنوي وإرهاق عاطفي وضغط نفسي , وإذا استثنينا مالايستطيع المرء مغادرته لاعتبارات عديدة , يبقى لدينا أسباب مختلفة للعلوق فيه اختياراً , ومنها :
📍الأمل في أن الأوضاع ستتحسن , وبالذات إذا كانت العلاقة أو الوضع جيدة في البداية ثم تطورت نحو الأسوأ , فالعالقة أو العالق , يحتمل كل الألم والمعاناة , قائلاً في نفسه :
ستعود الأمور جميلة ورائعة كما كانت , والمشكلة أن ذلك قد لايكون صحيحاً - للأسف - وكثيراً مايكون العالق - وللأسف أيضاً - متيقنٌ أن الخرق اتسع على الراقع , وأن الأمر لن يعود جميلاً ورائعاً كما كان مهما فعل وبذل , بل إن الأمور تركض مُسرعة نحو التعقد والفساد , وعلى الرغم من ذلك يصر على العلوق ..!!
حتى رصيد الحب والذكريات الجميلة والأمل الذي يتكئ عليه في التحمل ، أو الشعور بالذنب لأنه يظن أن الخروج هو نوع من التخلي أو الالتزام المعنوي .., كل ذلك سيستفدُ ولن يبقى منه شيء ..!!

📍وأحياناً يكون العلوق سببه مايُسميه علماء الاقتصاد بالتكاليف الغارقة
‏ ( Sunk Cost ) وهذا واضحٌ في مثل تجربة ( مليارديرالخضارالمُخمجة ) فمعظم هذا النوع من العلوق يكون لأن العالق ينظر للتكاليف المادية والمعنوية التي أُنفقت سابقاً , ولو خرج من هذه العلاقة أو هذا الوضع فسيخسرها كلها , وهنا لايلتفت للخسائر التي يتكبدها أثناء علوقه في العلاقة أو الوضع , والتي قد تكون أكبر بكثير مما فات , فمادياً مثلاً :
مايحتمله من خسائر مختلفة كالإيجار ورواتب العمال وغير ذلك , قد يفوق أضعاف المبلغ الذي دفعه في البداية , فيستمر في العلوق وتحمل المزيد من الخسائر , ولنقس على ذلك في الخسائر المعنوية والعاطفية والنفسية التي قد يتكيدها العالق في علاقة أو وضع ما , فهي أكثر ألماً ,وأشد وجعاً ..!!

📍وأحياناً يكون العلوق بسبب أن العالق يرغب فعلاً في الخروج من هذه العلاقة أو الوضع , ولكنه يجهل طريقة ذلك , وسائق ( الكابريس الخربان ) أوضح مثال على ذلك , وهنا لابد من الاستعانة -بعد الله - بذوي الخبرة والاختصاص من أهل الثقة ليعينوه على ذلك ..!!

** كلمة مخمج :
هي كلمة فصيحة وردت في المعاجم , فيقال : خَمِجَتِ الفاكهة : فسدت , نتنت ..
( يعني زوجة تاجر أحلام الصيف هي اللي كانت عالقة وليس زوجها ..!! )😁