

أحمد سليمان النجار
بقلم - أحمد سليمان النجار
'
تروي حكاية.. أن طائراً ضخماً حَطَ أمام مجموعة وهم جلوس، فقال أحدهم : انظروا لهذه ( العنز ) ..!!
فرد أحدهم باستغراب : هذا طائرٌ وليس ( عنز ) , فأصر الرجل على أنه ( عنز ) ..!!
فقال الآخر : ألا ترى الريش والمنقار والجناحين , أهذا ( عنز ) ؟!! فأجاب الرجل : نعم (عنز )..!!
فأخذ رجلٌ حصى من الأرض ورماه جهة الطائر, فحلق عالياً , فقال للرجل : أهذا ( عنز ) ؟!!
فأجاب الرجل بثقة غريبة : ( عنز ) ولو طار ..!!
على رغم أن التفكير المنطقي والمبني على مُقدماتٍ مُسلًمٍ بها وتُسلِمُكَ لنتائجَ مُلزمة - على رغم - أنه لن يجدي نفعاُ مع أصحاب تفكير ( عنز ولو طار ) , إلا أنني سأضع حقائق كمُقدماتٍ ولن انتظر أن تُلزِمً نتائجها أحد ..
الحقيقة الأولى :
نحن بفضل الله ومنه وجوده وكرمه في وطن عظيم , وهذا ليس حديث عاطفة , فعلى الرغم من عشقي الشديد لكل ذرة تراب في هذا الوطن المُقدس , وولائي التام لولاة أمري , إلا أني لن أستند على ذلك فحسب , بل إن لغة الأرقام ووقع سنابك خيولنا على مضمار الإنجاز في كل مجال , هي من تقول ذلك ، فأي منصف لو اختار أي مجال من المجالات ، لوجد أننا تقدمنا فيه تقدماً عظيماً مُدهشاً لامثيل له , ولوجدنا رقماً مؤثراً - وللغاية - سياسياً واقتصادياً وغير ذلك .., هناك بعض الأخطاء , نعم , ولكننا لا نلبث أن نكتشفها ونتفادها ولا نكررها , وذلك أمر طبيعي في أي تطوير وعمل وإنجاز , لايهم ماكُنا عليه - وإن كنا على خير عظيم وتاريخ مجيد - ولا يهمنا ماسنكون عليه كما يتمناه لنا بعض الحاسدين الحاقدين - وإن كنا نُبصرُ - بفضل الله ، ثم بفضل رؤية عظيمة وقائد مُلهم وشعب بعزمٍ ( طويقي ) مُخلص عظيم - مستقبلاً أجمل ومكانة أعظم , مايهمنا - حقاً - هو مانحن عليه الآن , ومانحن مشغولون به من تطوير وإنجاز وتقدم ..!
الحقيقة الثانية :
نحن - كسعوديين - لسنا مُجتمعاً ملائكياً , ولاندعي أننا شعب الله المختار , بل نعترف أننا - وكأي شعب - لدينا نماذج سلبية , قد يصدر من بعضهم بعض الأفعال غير السليمة , ولكننا - وبشهادة الأعداء والأصدقاء - لدينا الكثير من النماذج الإيجابية الرائعة , والخصال الأروع ، ومازلنا نعمل على تحسين ذلك بسرعة مُذهلة , ويساعدنا في ذلك - بعد الله - خطاب ديني جديد معتدل , وتعليم بجودة عالية , وقوانين وأنظمة ذكية ويقظة وقوية , ونماذجنا السلبية التي نقر بوجودها ومايصدر من بعضها , لو قارناها بكثير من الأماكن والشعوب , لوجدنا عندهم أضعاف أضعاف ذلك , ولكن الفرق أن صغير الخطأ الصادر منا واقعٌ تحت مجهرٍ ضخم , لو سُلِطَ على المريخ لتمكن المنشغلون بمراقبتنا من عدد ذرات الحديد المُتسببة في لون الكوكب الأحمر , وأننا نتغير - للأفضل - بوتيرة سريعة للغاية , وبالمناسبة , لكل من أساء لنا وانتقدنا , فهو - ودون ان يعي - قد أهدانا عيوبنا - إن كان ماقاله صحيحاً , ومنحنا فرصةً للتحسن , فشكراً له ..!!
الحقيقة الثالثة :
كلمة مواطن لها معنى أوسع وأشمل من المعنى القانوني النظامي , فهي تشمل السعودي وغير السعودي , فكل من استوطن أرضاً واستظل بسمائها واستقل أرضها , هو مواطن بشكل غير مباشر , فكل خير يحل على الوطن سيناله منه نصيب , وكل سوء - لاسمح الله - سيصيبه منه , فـ ( كورونا ) مثلاً , هل كانت تطلب الهوية الوطنية أو الإقامة من الإنسان قبل أن ( تهبده ) ؟!!
صحيح أن هناك خصوصية للسعودي في بعض الأمور , وعمل لتمكينه , وهذا طبيعي في كل بلد وفي كل مكان , ولكن في النهاية الكل في مركب واحد ..
الحقيقة الرابعة :
كثير من الأخوة الوافدين الكرام , هم شركاء تنمية وتطوير , ولهم مساهمات عظيمة في كل جانب من جوانب الحياة في هذا البلد العظيم , ومشاركات رائعة في كل نشاط , وكثير منهم يمثل إضافة قيمة لكثير من المجالات , وكثير منهم عاشرناهم كأصدقاء وجيران وزملاء عمل , وتعاملنا معهم كأطباء ومهندسين وعمال وغير ذلك , فلمسنا لهم فضلاً عظيماً , ووجدنا فيهم أخلاقاً راقية للغاية وحباً صادقاً لهذه الأرض , وعرفنا فيهم إخلاصاً وتعاوناً وكرماً ولطفاً وحُسن عشرة , وكثيرٌ منهم - وهذه حقيقة - لايقبلون الإساءة لهذه البلاد , ولايرضون لها السوء ولا الضرر , ولايمثلهم مسيء ولايُعبر عنهم ناعق خراب , ويدينون -بعد الله - لهذه البلد العظيمة ، بما هم فيه من خير وتقدم ، وبما تمكنوا من خلال عملهم بها من بناء حياتهم وحياة أجيال من أولادهم وأولاد أولادهم , ويتفهمون عمل الحكومة في سن قوانين تنظيمية لكل جوانب الحياة , ويقدرون حرص البلاد على توفير فرص عمل لابنائها , لأنهم يعلمون أن هذا هو المفترض أن يكون ، وهو الطبيعي في كل مكان , أما الفئة ( التي طيرت العنز ) فهم شرذمة قليلة لايمثلون إلا أنفسهم , وهذه الشرذمة إما أنهم (عرائس الماريونيت ) هناك من يحرك خيوطهم لحاجة في نفسه المريضة وخدمة ( لأجندته) القذرة وأهدافه الخبيثة , أو منن أصابتهم صدمة الفطام ، عندما غيرت البلاد بعض سياساتها السابقة، وسيلقيهم في سلة المهملات حال انتهاء مهمتهم ( العفنة ) , أو أنهم فيران حمقاء كفيران ( زمار هاملين ) , أثر بهم مايسمعون ومايشاهدون من أكاذيب وافتراءات , وحتى ولو كانت هناك بعض الأمور الصحيحة , فهي لاتعدو كونها أحداث طبيعية ، تحدث في كل مكان , وكثير منهم سيدرك خطأ منهجهم , وكثير منهم - للأسف - لن يقبلوا الاعتراف بالخطأ والتراجع عن الموقف السلبي , وقد يُغذي ذلك بعض الأحداث الشخصية التي حدثت أو تحدث لبعضهم , وهي -ونكرر - في حدها الطبيعي الذي يحدث في أي مجتمع وأي بيئة عمل ..!!
الحقيقة الخامسة :
دائرة الخطأ والتجاوزات والمواقف السلبية , ليست حكراً على السعودي أو غير السعودي , بل هي دائرة يدخلها ذاك وذلك , وكما أن للسعودي تجاوزات فكذلك لغير السعودي مثلها - وأحياناً أكثر منها - وإن كان السعودي سيكون لومه أشد وحسابه عسير ، لأنه ابن هذا التراب والمسؤول الأول عن سلامته وأمنه وحمايته والحفاظ عليه ..!
ختاماً:
السعودي إنسان مثقف وواعٍ وراقٍ , ولن يسمح لمُفسد أن يعكر صفو علاقته إما بسعودي أو بغير سعودي , وأنه لن يلتفت لتافه حاقد ناعق ( مغبون ) إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث , ولا لإعلامهم ومواقعهم وأخبارهم , ولا ينشغل بهم عن استكمال مسيرة البناء والتقدم والتطور والرقي والتميز , وأن يلتف حول قادته العظماء المخلصين , وأن يكون يداً تبني لا معولاً يهدم , وجزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة , ولاينتظروا وفاة الماعز الطائرة , لأنها ستبقى طالما بقي الحسد والحماقة , وأن يكونوا - هم التغيير الذي يريدون رؤيته في العالم ، ويتركوا حياة الماعز ( للعنز ومن يطيرها ) ..!!

