النهار

١٩ اكتوبر-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ١٩ اكتوبر-٢٠٢٥       22715

بقلم - د .طارق بن حزام

في زمنٍ غابت فيه الملامح وبهتت فيه النوايا حتى اختلط الصادقُ بالمتلون، برزت طينةٌ من البشر تجيد ارتداء الأقنعة، تتلوّن كالحرباء وفق المصلحة، وتتنقّل بين الوجوه كما يتنقّل الوباء بين الاجساد. هؤلاء الذين يُزيّنون لك العداء، ويُوقِدون بينك وبين الآخرين نار الخصومة، ثم إذا أقبل الليل صافحوهم في الخفاء، وضحكوا معهم في المجالس كأنهم ما حرّضوا، ولا أفسدوا، ولا أوغروا صدرك يومًا ما، يدفعونك إلى الهجر، ويقفون على الأطلال يتلذذون بمشهد الخراب، يوهمونك بأنهم أنصارُك، وهم في الحقيقة أوهنُ من خيوطِ العنكبوت، يختبئون وراء أقنعة اللطف، ويُمارسون الخيانة بثوب المودّة. احذرهم فهم شرار الناس كما وصفهم الصادق المصدوق (شِرَارُ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ) رواه البخاري ومسلم. إنهم غرباءُ عن الصفاء، لا يعيشون إلا على رماد النزاعات، يقتاتون على الفرقة وتأنس أرواحهم بضجيج الكراهية، لأنهم لا يعرفون طُهر النية، ولا دفءَ الإخلاص، والمحبة. أما الصديق الحق، فوجهه وجهٌ واحد، ولسانه قلبه، لا يُحرّض ولا يُنمّق، بل يُصلح إذا رأى الشر ويطفئ النار قبل أن تمتد إلى الهشيم. إنه بلسم للروح، لا سُمٌّ للعلاقات، يلتمس رضى الله بالإصلاح ﴿إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ، إِخْوَةٞ فَأَصْلِحُوا۟ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾. وختامًا……………… من أراد أن يزن نقاء من حوله فلينظر من يفرحُ لصفائه، ومن يبتسمُ لانكساره. فالأولُ كريمُ الطوية أحرص عليه وعضّ عليه بالنواجذ، والثاني من أقبحِ البشر فرّ منه فرارك من الأسد.