الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٥:٠٥ م-٠٣ يوليو-٢٠٢٥       15345

بقلم: أحمد الدليان

في زمنٍ تتكاثر فيه الانقسامات وتتنافر فيه الألوان، ينهض  الهلال  السعودي كرايةٍ لا يختلف على رفرفتها قلبان، وكقصة عشقٍ تجاوزت محيط ناديه، لتسكن الوجدان العربي وتتوحّد فيها المشاعر.

ليس  الهلال  مجرّد نادٍ رياضي، بل ظاهرة انتماء، وامتداد لهوية تتسلل من المدرجات إلى الضمير الجمعي لأمةٍ تبحث عن صورةٍ مضيئة لها في مرآة الرياضة.

من الخليج إلى أطراف المحيط، يُذكر  الهلال  في المجالس العربية بصفته أكثر من فريق. يُذكر كرمزٍ للثبات حين تتبدل الأحوال، وككيانٍ اتخذ من العراقة طوقًا، ومن المجد سيرة.

نادي  الهلال  لم يقتصر حضوره على البطولات، بل امتد ليكون لغةً يفهمها العرب، حين يتذوقون الانتصار كأنه انتصارهم، ويتابعون مبارياته كأنهم ينتمون إليه بالدم والهوى.

وليس من قبيل المصادفة أن يتربع  الهلال  في قلوب العرب؛ بل لأنّه اختصر لهم ما حلموا به طويلًا: نادٍ عربي ينافس الكبار، ويخوض غمار العالمية بثقة، ويقدّم نموذجًا مشرفًا في الإدارة، والاحتراف، والروح الرياضية. لقد تحوّل  الهلال  إلى مرآة تعكس طموح أمةٍ بأكملها… مرآة لا تكذب.

وهذا ما يتجلّى بوضوح في المشاركة التاريخية الحالية للهلال في بطولة كأس العالم للأندية 2025، المقامة في الولايات المتحدة، حيث قدّم الفريق مستويات مُبهرة، وتغلّب على أندية عالمية كبرى تمثل نخبة الكرة الأوروبية واللاتينية، مثبتًا بذلك أنه ليس ضيف شرف، بل منافس شرس على أعلى المستويات.

إنّ انتصارات  الهلال  في هذه البطولة لم تكن مجرد نتائج رياضية، بل كانت رسائل حضارية: أن ناديًا عربيًا سعوديًا قادر على مقارعة أعظم الفرق في العالم، وتقديم كرة قدم راقية، مشبعة بروح الانتماء، وممهورة بعلامة “صُنع في المملكة”.

ولم تكن هذه النجاحات لتتحقق لولا المناخ الوطني الملهم الذي صنعته رؤية المملكة 2030، بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله -، حيث وُضعت الرياضة ضمن أولويات التنمية الشاملة، لا كمجال ترفيهي، بل كصناعة متكاملة، واستثمار استراتيجي في الإنسان والمستقبل.

لقد أصبح  الهلال  اليوم ليس فقط نادياً عظيماً، بل "براندًا"عالميًا في مشهد كرة القدم الحديثة، يقف جنبًا إلى جنب مع أندية بحجم ريال مدريد، ومانشستر سيتي، وبايرن ميونخ، وبرشلونة، وبوكا جونيورز، ويوفنتوس.

لم يعد مجرد ممثل للكرة السعودية، بل أصبح رمزًا عربيًا يتردد اسمه بثقة واحترام في أروقة الفيفا، وشاشات الإعلام العالمي، ومجالس التحليل الرياضي على مستوى القارات.

الهلال اليوم ليس مجرد نادٍ يتقدم في بطولة عالمية، بل سفيرٌ للمشروع الوطني، وانعكاس حيّ لقدرة المملكة على صناعة التفوق، وتقديم نموذج مشرّف للرياضة العربية على الساحة الدولية.

وكل هدف يسجّله الهلال، وكل مباراة يكسبها، هي امتداد لصوت المملكة في المحافل، وترجمة حيّة لطموحها اللامحدود.

لقد أثبت المشروع السعودي في الاستثمار الرياضي أن العزيمة حين تلتقي بالرؤية، تولد المعجزات.

وأن النجاح لا يُستورد، بل يُبنى على مراحل، كما بُني الهلال: بالثبات، والوفاء، والتخطيط.

وحين يتقاطع طموح الوطن مع طموح نادٍ مثل الهلال، تُولد قصص لا تُروى بل تُعاش… ويولد زعيمٌ يتحدث باسمه الملايين.

الهلال لا يجمع العرب لأنه فريق ناجح فحسب، بل لأنه جسّد في مسيرته معنى التكامل بين الهوية والانتماء، بين المحلي والعالمي، بين الأصالة والتجديد.

وهو بذلك يصبح أكثر من زعيم للمستطيل الأخضر… بل رمزًا من رموز النهوض العربي، ودليلًا على أن المجد حين يُصنع في أرضٍ تؤمن بأبنائها، فإنه لا يعرف حدودًا.

وفي قلوب المحبين، من صنعاء إلى الدار البيضاء، ومن بغداد إلى عمّان، يبقى  الهلال  نغمة عربية خالدة، تروي للجيل الجديد أن في هذه الأرض نادٍ اسمه الهلال… لا يقتصر على الانتصارات، بل يصنعها.

الهلال ليس مجرد قصة نجاح رياضي، بل هو مظهر من مظاهر التحول العميق الذي تعيشه المملكة، وتجسيد حيّ لطموح عربي يتطلّع إلى موطئ قدم ثابت في ساحات المجد العالمية.

وفي مشهده اليوم في كأس العالم للأندية، حيث ينافس أعتى الأندية ويهزمها، تتكشّف صورة جديدة للعرب:

صورة الشغف المنظّم، والموهبة المدعومة، والحلم الذي لم يعد حلمًا… بل واقعًا يصافح الشمس.

الهلال، بما قدّمه ويقدّمه، يكتب سطرًا جديدًا في تاريخ الكرة العربية، سطرًا عنوانه:

"هنا الشرقُ، وهنا المجد… وهنا زعيمٌ اسمه الهلال."