النهار

٠١:٥٦ م-١٦ مايو-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠١:٥٦ م-١٦ مايو-٢٠٢٥       40755

بقلم: د. غالب محمد طه

اللافت في حفر الباطن مؤخرًا أنك كلما حاولت اللحاق بما يجري من مشاريع، وجدت أن المدينة قد سبقتك بخطوة، ففي كل مرة يخيل إليّ أن عجلة التنمية هدأت قليلاً، تباغتني خطوة جديدة، ومشروع نوعي آخر يؤكد أن هذه المدينة تسير بثقة نحو مستقبل مختلف.

وهنا قد يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال مشروع: "هل يبدو الكاتب مجاملًا في وصفه؟ هل أكتب هذه الكلمات من أجل بريق أو شهرة أو غاية خاصة؟".

أقولها بثقة: لا، فمنذ البداية، علمت نفسي أن الحرف مسؤولية، وأن الكلمة شرف لا يُفرَّط فيه، وأن نقل الصورة بكل أمانة هو أمانة تستوجب الحذر والدقة، لأن الكلمة حين تخرج تتحول إلى رسالة تحمل في طياتها تأثيرًا حقيقيًا على القارئ والمجتمع.

وعودة إلى البداية، لعل أبرز ما لفت نظري مؤخرًا هو مشروع كلية الطب بجامعة حفر الباطن، الذي تم تدشينه برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في مسار التعليم العالي بالمنطقة، ويعكس توجهًا واضحًا نحو تعزيز التنمية البشرية والصحية في المدينة.

وكلية الطب تأتي ضمن خطط جامعة حفر الباطن الطموحة لتوفير مخرجات تعليمية متميزة تواكب متطلبات سوق العمل وتدعم التنمية الوطنية في القطاع الصحي.

واللافت أن هذا المشروع لا يمكن فصله عن التحول الشامل الذي تشهده حفر الباطن، التي تجاوزت مرحلة التوسع العادي وأصبحت نموذجًا للنمو المتوازن في البنية التحتية والخدمات والتعليم وفرص العمل، ما يجعل وجود كلية الطب خطوة مدروسة تتماشى مع هذا التطور.

وجود مثل هذه الكلية يفتح المجال أمام طلاب المنطقة للحصول على تعليم طبي متقدم دون الحاجة لمغادرة مدينتهم، كما يساهم في رفع مستوى الرعاية الصحية محليًا من خلال الارتباط بين الدراسة والتدريب العملي.

ولعل أبرز ما يميز حفر الباطن اليوم هو التكامل بين مختلف جوانب التنمية، فلا عجب أن نرى مدينة تشهد نموًا متوازنًا في البنية التحتية والخدمات والتعليم.

بالنسبة لي، كمقيم في هذه المدينة، أرى أثر هذه المشاريع في تفاصيل الحياة اليومية، هناك شعور طاغٍ بأن هناك من يخطط ويعمل ويحرص على أن يكون المستقبل أفضل.

التوسع العمراني، وتعدد فرص العمل، وتحسن جودة الحياة، ساعد على جذب الكفاءات وخلق حراك مجتمعي جديد يدعم نجاح الكلية، ويعزز أثرها على مستوى المنطقة ككل، ولهذا، فإن كلية الطب ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل تمثل محورًا من محاور التنمية المتجددة التي تنبض بها المدينة.

إن ما تشهده حفر الباطن اليوم من تطور يستحق كل تقدير، فخلف هذه الإنجازات تكمن رؤية واضحة، وتخطيط دقيق، وإرادة قوية للتحسين، وهذا يجعلنا على ثقة بأن المستقبل يحمل المزيد من الإنجازات لهذه المدينة الواعدة.

ومع هذا النمو الشامل، يظهر الدور الحقيقي والمحوري لجامعة حفر الباطن، التي لا تقتصر مهمتها على إدارة المباني والمناهج فقط، بل تراهن على الإنسان ذاته، وتعمل على تطوير مهاراته وتعزيز قدراته، فهذه هي الأساس الذي يُبنى عليه أي تنمية مستدامة، وهو جوهر الاستثمار في المستقبل.

في الختام، لم أكتب لأمدح أو أُجمل، بل لأشارك تجربة أراها تستحق التقدير، هذه الكلية مشروع نفخر به، لأنه يضع الإنسان في قلب التنمية، ويؤكد أن الاستثمار الحقيقي ليس في البنيان وحده، بل في العقول والقدرات.

وبينما أكتب هذه الكلمات، يراودني سؤال: "هل كنت منصفًا في هذا الوصف؟"، أقول: نعم، لأنني أرى التغيير بعيني، وألمس آثاره في حياة الناس، وأتابع خطوات تُبنى على رؤية وتخطيط وعمل.. في البدء والختام، الشكر كله لله وحده.