الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٨:٤٧ م-٢٣ ابريل-٢٠٢٥       421850

- ياسر بن سيف
في زمن تتسارع فيه التحوّلات، وتتصادم فيه الهويات بين الماضي والحاضر، يبرز اسم عاصم المشرع كمخرج استثنائي لا يكتفي بصناعة الأفلام، بل يخلق ذاكرة بصرية كاملة تعكس الإنسان، وتوثّق الحنين، وتعيد بناء المعنى من جديد.

بدأت حكايته مع الكاميرا منذ سن الرابعة عشرة، حين التقط أول صورة، واكتشف أنها ليست مجرد ضوء وعدسة… بل نبض حياة. ومنذ تلك اللحظة، لم يفارق عاصم عدسته، بل جعلها نافذته إلى العالم، وأداته لرواية الحكايات.
قبل أن يكرّس نفسه للسينما، عمل مهندسًا معماريًا لمدة ست سنوات في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، حيث تعلّم كيف تُبنى التفاصيل بدقّة، وكيف تُفهم المساحات بحسّ فني. هذه التجربة انعكست لاحقًا في رؤيته الإخراجية التي تمزج بين الجمال البصري والتنظيم الهندسي.

عاصم ليس مجرد مخرج. هو كاتب، محرّر، فنان بصري، ومبتكر تقني. يمتلك خبرة عميقة في المونتاج والمؤثرات البصرية، ويعرف كيف يصنع الصورة من العدم، ويُشكّل الإحساس بالإضاءة والظل والنغمة.

أعماله ليست مجرّد محاولات مستقلة، بل تجارب تحمل الهوية السعودية بروحها العاطفية والبصرية، وتسعى للوصول إلى العالم، وقد شاركت في أكثر من 25 مهرجانًا عربيًا ودوليًا، وحازت على سبع جوائز مرموقة، من بينها أفضل مخرج، أفضل فيلم، وأفضل تصوير سينمائي.

من بين أبرز أعماله:
•    ساعة جدي – فيلم خيال إنساني نال الجائزة البرونزية.
•    شبح الماضي – دراما حصدت ثلاث جوائز بينها أفضل إخراج.
•    العاشرة – فيلم رعب سعودي فاز بثلاث جوائز دولية.
•    دائرة الحياة – فيلم بيئي شارك في عدة مهرجانات دولية.
•    البالونة الحمراء وذكريات الخبر – فيلم وثائقي عن المدينة التي وُلِد وترعرع فيها، مدينة الخبر، حيث امتزجت الذاكرة بالمكان، والحب بالتفاصيل.

اليوم، يعمل عاصم على مشروعه الأضخم، الفيلم الروائي الطويل "العصر الذهبي"، الذي يتناول صراع الأجيال بين من تشكّلت هويتهم في التسعينات، ومن نشأوا في عصر التحوّلات الرقمية.
الفيلم يحمل بعدًا إنسانيًا عميقًا، ويسأل ببساطة مؤلمة:

"هل خسرنا شيئًا جوهريًا حين تحوّلت حياتنا بالكامل إلى الرقمنة او صارت حياتنا اجمل ؟"
ويختم عاصم حديثه بجملة تختصر فلسفته الإخراجية:
"أنا لا أصنع أفلامًا فقط، بل أدوّن مشاعرنا، وهويتنا، وأحلامنا… قبل أن تضيع بين التحوّلات. نواكب التقدّم والحداثة، لكن دون أن نفقد جذورنا."
عاصم المشرع… مخرجٌ تتنفس أفلامه حبًا في الوطن السعودية.