

د.نهار بن عبد الرحمن العتيبي
من لوازم الحياة بسعادة وهناء واستمرارها بمحبة ووفاء هو التغافل عن الزلات والمسامحة على الخطيئات ما دام أنها في حدود ما يمكن التسامح فيه والإعراض عن التدقيق فيه .
الأخطاء الصغيرة أو غير المقصودة والمزاح الذي لا يقصد قائله الإهانة أو الاساءة وفلتات اللسان غير المقصودة وخطأ الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها بكلمة عابرة أو تصرف متسرع هو مما يتسامح فيه ويتغافل عنه وتسير الحياة لأن هذه طبيعتها و الأصل أنها لا تصفو وكما قال الشاعر :
جبلت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذار والأكدار.
إذا تحمل الأقارب والأحباب هفوة قريب أو حبيب زادت المحبة بينهما واستمرت الألفة وعرف كل واحد منهما أن الآخر لو لم يكن يحبه ويقدره ما تحمل غلطته وتغافل عن هفوته.
وقد روى البيهقي وغيره عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-أنه قال : "لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيراً وأنت تجد لها في الخير محملاً".
الأمور التي تمس الدين أو الشرف والكرامة لا يمكن التساهل فيها لأن المسلم لا يرضى لنفسه الذل والإهانة ولا بد أن يبلغ من أهانة في دينه أو شرفه أو كرامته أو أمانته وهو بالخيار إن شاء أخذ حقه من المعتدي وإن شاء عفا عنه لوجه الله تعالى.
كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد العافين والمتسامحين والمتغافلين وكان لا ينتقم لنفسه وكان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله عز وجل وحري بكل مسلم ومسلمة أن يقتدي بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
التدقيق في كل صغيرة وكبيرة وحمل الكلام التصرفات على أسوأ المحامل هي في الحقيقة متعبة للشخص الذي يتصف بهذه الصفة ويتعب كذلك من يعيش معه أو حوله ويجعل الناس تنفر منه وتبتعد عنه حتى ربما وجد نفسه وحيدا في يوم من الأيام فالحذر الحذر.
نصيحة لكل من يدقق فيمن حوله ويبحث عن الأخطاء والزلات أن يبتعد عن هذه الصفة فالحياة قصيرة ولا تستحق كل هذا الحقد والحسد والاشتغال بعيوب الأقربين والأصدقاء وعليه أن يحرص أن يكون قريب من الجميع حبيب إليهم يأخذ بخاطرهم ويتحمل أذاهم ويتغافل عن زلاتهم فسيكون بإذن الله محبوبا من القريب والبعيد وسيدعو له المسلمون في حياته وبعد مماته.
الكاتب: المحامي والمستشار القانوني د.نهار العتيبي

