

بقلم: المستشار الدكتور سعود عقل.
تُعد حقوق المرأة في الدول العربية من القضايا التي شهدت تطورات ملحوظة في العقود الأخيرة، رغم تباين المشهد بين الدول العربية المختلفة.
يتمحور التغير في القوانين والسياسات حول عدة مجالات أساسية مثل التعليم، العمل، الحقوق الاجتماعية والسياسية، ومناهضة العنف.
فمن القوانين المتعلقة بحقوق المرأة نقاط أساسية منها:
ـ التعليم: فقد شهدت الدول العربية تقدمًا ملحوظًا في قوانين التعليم، حيث تم إقرار قوانين تضمن الحق في التعليم للجميع، بما في ذلك الفتيات. على سبيل المثال، في الدول التي تعاني من النزاعات، كاليمن وسوريا، تُبذل الجهود لتوفير التعليم للنساء والفتيات، رغم التحديات الكبيرة.
ـ المشاركة السياسية: تمثل المشاركة السياسية للمرأة جزءًا مهمًا من حقوقها. العديد من الدول العربية قامت بتعديل قوانينها لتسمح بتمثيل أكبر للنساء في المجالس النيابية. على سبيل المثال، في تونس، تم اعتماد قوانين تضمن نسبة معينة للنساء في القوائم الانتخابية.
ـ حقوق العمل: تتضمن العديد من القوانين العربية ضمان حقوق النساء في العمل، من الأجور المتساوية إلى شروط العمل المناسبة. ومع ذلك، تبقى عقبات ثقافية وتشريعية تحول دون تحقيق التكافؤ الكامل.
ـ قوانين الأسرة والزواج: تعتبر قوانين الأحوال الشخصية عنصرًا حساسًا، حيث تختلف بشكل كبير من دولة لأخرى. بعض الدول، مثل لبنان وتونس، قد أجرت إصلاحات لتحسين حقوق المرأة في قوانين الزواج، الطلاق، وحضانة الأطفال، في حين لا تزال دول أخرى تحتفظ بقوانين تقليدية قد تكون مجحفة.
ـ مناهضة العنف: أصدرت العديد من الدول العربية قوانين لمناهضة العنف ضد المرأة، وخاصة العنف الأسري. على سبيل المثال، أطلقت حكومات في المغرب حملات تشريعية لمكافحة العنف وتعزيز الدعم للناجيات.
كما ونذكر بعض التغيرات الإيجابية منها:
ـ زيادة الوعي والتحرك المجتمعي: تزايدت الحملات المدنية والمجتمعية في الدول العربية للمطالبة بحقوق النساء، مما أدى إلى تغييرات تشريعية ملحوظة.
- التعزيز المؤسسي: تم إنشاء مؤسسات حكومية وغير حكومية تهتم بدعم حقوق المرأة، مما ساهم في تغيير الانطباع العام ورفع مستوى الوعي.
وهنا لا بد لنا ان نتطرأ إلى التحديات المستمرة، فعلى سبيل المثال:
1. التطبيق الفعلي للقوانين: رغم وجود قوانين متقدمة، يظل التنفيذ والتطبيق الفعلي لتلك القوانين تحديًا. في العديد من البلدان، يواجه النساء صعوبات كبيرة في الوصول إلى العدالة.
2. العوامل الثقافية والدينية: تلعب العادات والتقاليد دورًا كبيرًا في الثقافة العربية، مما يؤثر على قدرة النساء في المطالبة بحقوقهن. يُعتبر هذا أحد أكبر العوائق أمام تحقيق المساواة.
3. التحفظات على الاتفاقيات الدولية: تضع العديد من الدول العربية تحفظات على الاتفاقيات الدولية التي تعزز حقوق المرأة، مما يؤثر على قدرتها على فرض حقوقهن.
ومن خلال ما تقدم لو أخذنا المملكة العربية السعودية أنموذجًا على ذلك:
حيث تعتبر الظروف المهنية والمعيشية للنساء في المملكة العربية السعودية موضوعًا مثيرًا للاهتمام والتطور في السنوات الأخيرة. منذ بدء رؤية المملكة 2030، فقد شهدت النساء تغيرات ملحوظة في جوانب متعددة من حياتهن. إليك نظرة تفصيلية على بعض الجوانب الرئيسية:
ـ التعليم والتمكين المهني، شهدت نسبة تعليم الفتيات والنساء في السعودية ارتفاعًا واضحًا. أصبحت الفتيات يشكلن نسبة كبيرة من الملتحقين بالتعليم العالي.
- التمكين الوظيفي: تزايدت نسبة النساء العاملات في مختلف القطاعات. وفقًا لإحصاءات عام 2023، بلغت نسبة النساء في قوة العمل حوالي 36%، مقارنة بـ 15% قبل بضع سنوات. تقدم الحكومة دعمًا للنساء في مجالات مثل الصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، والأعمال.
ـ القوانين والحقوق، فقد أُقيمت قوانين جديدة تعزز حقوق النساء في العمل، بما فيها حقوق المساواة في الأجر، والتعويضات، وساعات العمل.
- إزالة القيود: إلغاء بعض القيود التي كانت تُعيق تنقل النساء وتقديمهن للوظائف، مثل الحاجة إلى موافقة ولي الأمر للعمل في بعض الأحيان.
ننتقل الى المجالات المهنية:
تشارك النساء في مجموعة متنوعة من القطاعات، بما في ذلك القطاع الصحي، والمالي، والتعليمي، والتقني. هناك أيضًا زيادة في عدد رائدات الأعمال والنساء في المناصب الإدارية.
- الاهتمام بالابتكار: تم دعم النساء للتوجه نحو الأعمال الحرة وبدء المشاريع الصغيرة، مما يساعد على تعزيز روح ريادة الأعمال.
ـ الظروف المعيشية، فتمكين النساء لا يقتصر فقط على العمل، بل يتضمن أيضًا دورهن كأمهات وبديلات في المجتمع. هناك دعم اجتماعي أكبر للنساء في تربية الأطفال والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- التوازن بين العمل والحياة: بدأ الاهتمام بقضية التوازن بين العمل والحياة، مما يساعد النساء على إدارة مسؤولياتهن الأسرية بموازاة العمل.
باختصار فإن التوجهات المستقبلية مستمرة لتحسين الظروف المهنية والمعيشية للنساء أكثر فأكثر ونحو المزيد من الشمولية في مكان العمل وزيادة التوعية بحقوق النساء يعتبر جزءًا من رؤية المملكة 2030.
وفي الختام، تمثل حقوق المرأة في الدول العربية بمجملها مزيجًا من التقدم والتحديات.
على الرغم من أن القوانين قد تغيرت بشكل إيجابي في بعض المجالات، إلا أن الجهود يجب أن تستمر لضمان تحقيق المساواة الحقيقية. تظل الطريق طويلًا نحو تحقيق حقوق متساوية للمرأة، حيث يتطلب الأمر تعاونًا بين الحكومات والمجتمع المدني والمجتمع بشكل عام.

