






لقاء - محرر النهار
شخصية مثيرة للجدل على المستوى العملي والإعلامي، سيرة ذاتية غريبة، تنوعت بين رعي الغنم وقيادة الشاحنات والعمل في ورشة بنشر والتنقل في الوظيفة العامة مآبين العدل والعسكرية والصحة والإعلام، قلم ساخن تعامل مع قضايا متنوعة، وواصل المسير بالرغم من الهجوم عليه بشكل غير مألوف، أطلق عليه في صحيفة" المدينة" ملك "المانشيتات"، كونه يتصدر الصفحة الأولى بشكل شبه يومي على مدار العقود الماضية وحتى الآن، ولديه القدرة على إبراز إنجازات الوطن بشكل احترافي من خلال التقارير اليومية، "النهار" التقت الإعلامي. سعيد بن عبدالله الزهراني، وابحرت معه في المجالين الوظيفي الحكومي والإعلامي.
س- بداية نرحب فيك، سيرة ذاتية غريبة، أين وجدت نفسك فيها؟
- شكرا لكم على إتاحة الفرصة لي لأتحدث عبر صحيفتكم الرائعة جدا والمواكبة للأحداث المحلية، أما سيرتي الذاتية، اعتقد أي مواطن من جيلي مارس رعي الغنم والزراعة والأعمال المهنية اليدوية المختلفة، فغالبية الأعمال كان يقوم بها أبناء وبنات الوطن، أما أين أجد نفسي بين تلك الأعمال فكلها محطات مهمة في حياتي، وكل مهنة أو عمل كان عبارة عن سلم خاص في الحياة ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عن أي مهنة، ولذلك حرصت على ذكر كل أعمالي في السيرة الذاتية، حتى نقضي على موال ثقافة العيب المنتشرة في بعض الأوساط.
س- من راعي غنم إلى سائق شاحنة إلى بنشري، كيف انتقلت إلى العمل الحكومي؟
- كانت الفرص وقتها كبيرة جدا، أتتني فرصة وقتها جميلة جدا للعمل في المحكمة التي لاتبعد عن منزلنا بأكثر من 100متر، وفعلا قدمت الطلب، وتم صدور قرار تعييني في اليوم التالي مباشرة بالمرتبة الثانية بمسمى كاتب، أقوم بكتابة الصكوك وتسجيلها في دفاتر الضبط.
س- هل تتذكر أول راتب تقاضيته في المحكمة؟
- نعم 1825 ريالا وكان الراتب جيد جدا وقتها.
س- غادرت بعدها الى العسكرية، حدثنا عن هذا التحول من مدني إلى عسكري؟
- بعد أقل من عام تم فتح باب القبول في معهد الخدمات الطبية بالقوات المسلحة، وقمت بالتسجيل وحالفني القبول، وقدمت استقالتي من وزارة العدل، وتخرجنا من المعهد ضباط صف بمسمى "أخصائي صحي" بعد دراسات متنوعة في المجال الصحي واللغة الإنجليزية.
س- عدت مرة أخرى للقطاع المدني، لماذا؟
- بعد سنوات من العمل في الخدمة العسكرية، كان لابد ان اغادر المشهد العسكري، فممارسة هوايتي الإعلامية لا يمكن التوفيق بينها وبين المجال العسكري، لذلك غادرت وتوظفت بشكل سريع في وزارة الصحة، وتدرجت في الوظائف والمناصب القيادية حتى تقاعدت مؤخرا بشكل مبكر.
س- هل صحيح أنك أدرت 4 إدارات في وقت واحد؟
- نعم صحيح، تم تكليفي بإدارة 4 إدارات في وقت واحد، وكان الهدف تطوير تلك الإدارات والتأسيس لها بشكل جيد، نجحت مع فريق العمل في إدارة تلك الإدارات وكان الهدف الأخير هو الارتقاء بالخدمات المقدمة للمستفيدين.
س- مدير إدارة الطوارئ والكوارث والنقل الإسعافي بصحة الطائف لعدة سنوات، حققت هذه الإدارة العديد من النجاحات الضخمة وكانت بارزة على مستوى المملكة، إلى ماذا تعزوا هذا النجاح؟
- العمل في إدارة الطوارئ شغف من نوع مختلف، ولذلك تحقق النجاح بشكل كبير، كل يوم عمل مختلف، وفي كتابي القادم تطرقت بشكل مفصل عن أسباب النجاح وكيف تصدرنا المشهد على مستوى إدارات الطوارئ بالمملكة.
س- بشكل مفاجئ ومع نشاطك المتميز، تم إعفاءك في ظروف غامضة، ماهي الأسباب من وجهة نظرك؟
- تجنبت الحديث في هذا الموضوع في الكثير من اللقاءات السابقة، لكن قد يكون رفضي ما حدث في مبنى الطوارئ من تجاوزات أثناء الإنشاء، السبب الرئيس لهذا الإعفاء، والحمد لله بعد سنوات ثبت صحة كل الخطابات التي كنت اكتبها للمرجع.
س- خلنا نبعد عن الوظيفة الحكومية، ونتجه الى العمل الإعلامي، كيف بدأت العمل في بلاط صاحبة الجلالة؟
- أتذكر أن بعض الصحف المحلية كانت تصل لنا في محافظة المندق بمنطقة الباحة في اليوم التالي من صدورها، وكنت احصل على بعضها للاطلاع ومتابعة المستجدات، وفي يوم من الأيام أثناء الدراسة في مرحلة الكفاءة المتوسطة، كتبت مقالا وأرسلته بالبريد إلى إحدى الصحف التي اتابعها، وبعد أسابيع تفاجأت بوجود اسمي الرباعي في الصحيفة، وكتبت الصحيفة بأن أسلوبي لا يرتقي للنشر، عندها أعطاني الرد حافزا للمحاولة، وكتبت مقالا عن خطورة " المخدرات" ونشر بشكل بارز، ولازلت محتفظا به حتى الان، ثم تواصلت الهواية بين فترة وأخرى وبعدها واصلت العمل في الصحافة منذ 1413 وحتى الان ولله الحمد.
س- في الآونة الأخيرة، تطرحون أشياء غريبة جدا على المجتمع مثل (بصمة الوجه للطلاب - غرامات على أولياء الأمور في حال تغيب أولادهم وبناتهم- البصمة لإثبات حضور المعلمين والمعلمات- استمرار الفصول الثلاثة)، لماذا مثل هذه المطالبات؟
- تطوير التعليم مشروع وطن، رؤية 2030 وضعت مساحة ضخمة لهذا القطاع الحيوي المهم، وكذلك برنامج تنمية القدرات البشرية الذي اعتمده سمو ولي العهد، ومن أهم مخرجات هذا البرنامج تعزيز قيمة الانضباط، ولتعزيز هذه القيمة لابد من إجراء تعديلات على بعض الأنظمة واللوائح واستخدام التقنيات في تعزيز الحوكمة في المدارس، حتى نبني جيل قادم وقوي يواكب التطلعات وينجح في قيادة سوق العمل، تعزيز الانضباط سيسهم في رفع إنتاجية أبناء وبنات الوطن، والتعود على قيمة الوقت والحرص على العمل، وبالتالي سينعكس كل ذلك في المستقبل على الشباب والفتيات وعلى أسرهم والمجتمع والوطن، فهدف الوطن "مواطن منافس على مستوى العالم" وليس على المستوى المحلي فقط.
س- لكن البعض يؤكدون انك تستهدف المعلمين بطرحك، تعليقك؟
- اعتقد المعلم المنضبط -المتميز- الحريص، لن يشعر بالانزعاج في حال المطالبة بتعزيز الانضباط كونه ملتزم، فتش عن الآخرين أصحاب المصالح الشخصية، قد ينزعجون من الطرح.
س- تطالب باستمرار الفصول الثلاثة، بينما الأغلبية يطالبون بالعودة إلى نظام الفصلين، ما هي وجهة نظرك؟
- شخصيا أرى أن الفصول الثلاثة مناسبة جدا للتخفيف من الضغط والامتحانات للطلاب وستعود عليهم بالنفع في مستقبلهم التعليمي، كما ان الاجازات المطولة والاجازات المتعددة مناسبة جدا في الترويح عن النفس، ودعم الدورة الاقتصادية، وبالتالي الفائدة ستعود على الجميع، وقد شاهدنا في نظام الفصول الثلاثة تزايد فرص العمل لأبناء وبنات الوطن في مختلف المجالات، لذلك لازلت ادعوا الجامعات الى عودتها إلى النظام الثلثي، البعض قد يكون منزعج من هذه المطالبات في ظل حرصهم على الإجازات الصيفية الطويلة التي كانت تمتد لأشهر، ويقضونها خارج المملكة.
س- طيب، لماذا تطالب باستمرار ربط العلاوة السنوية للمعلمين بالرخصة المهنية؟
- من أهم بنود برنامج تنمية القدرات البشرية تطوير أداء المعلمين بشكل مستمر، إذا الحاجة ملحة للربط بينهما حتى يكون هناك تحفيز للتنافس بين المعلمين، فالكل ممتاز يجب ان تنتهي.
س- هل ترى أن العلاوة بوضعها الحالي مناسبة للمعلمين؟
- تطرقت في عدة مقالات إلى أهمية تغيير وضع العلاوة السنوية سواء للمعلمين أو غيرهم، بحيث تكون بالنسبة وفق معايير دقيقة، لكن قبل التطبيق لابد من حوكمة العمل واهم حوكمة تطبيق نظام" البصمة" لإثبات الحضور والإنصراف، ثم ميثاق الأداء والمحاسبة على النتائج.
س- كثيرون يقولون تعليمنا ممتاز ولايحتاج إلى تطوير، تعليقك؟
- التعليم الجيد يواكب المستجدات، الوضع حاليا اختلف كليا، تسارع في الابتكار والتقنيات والبحوث، لذلك لابد من مواكبة هذا الحراك بالتطوير الشامل المستمر في جميع الجوانب التي تخص التعليم، وهذا يحدث الان من قبل وزارة التعليم التي تسارع الخطط لتطوير التعليم في جميع مراحله.
س- هل من المعقول أن تطالب بعدم إشراك المعلمين في عمليات تطوير التعليم؟
- نعم، طالبت عدة مرات بهذا الامر، التعليم لايقتصر على الفصول، بل يشمل جميع جوانب الحياة، اختلف الوضع حاليا فعشرات الجهات الحكومية تشارك في عمليات تطوير التعليم، كونها اعرف باحتياجات سوق العمل، وبالاحتياجات التي تتطلبها عمليات التنمية، اما المعلمين فيمكن استشارة المتميزين منهم في بعض الأمور المتعلقة بالعمل المهني فقط.
س- لماذا تطالب بخصخصة التعليم، وهل تتوقع نجاح المشروع؟
- خصخصة المدارس أرى أنها من الخيارات الاستراتيجية التي قد تسهم في تطوير التعليم وإذكاء روح التنافس بين الطلاب والمعلمين، وبالتالي سيكون لدينا مخرجات على مستوى عالي من نواتج التعلم.
س- لكن الخصخصة قد تحمل أولياء الأمور تكاليف الدراسة، ماهو الحل من وجهة نظرك؟
- النظام كفل لطلاب التعليم العام الدراسة المجانية، لذلك الوزارة ستلجأ الى نظام " القسائم التعليمية" لتدريس الطلاب مجانا.
س- تطالب بشكل مستمر بسرعة إقرار المحاسبة على النتائج في التعليم العام، ماذا تقصد؟
- الاختبارات الوطنية التي تقوم عليها هيئة تقويم التعليم والتدريب يجب أن يكون لها دور في تقييم المعلمين، وكذلك الاختبارات الدولية، من خلال المحاسبة والمساءلة على النتائج، ومن ثم يكون للترقيات والعلاوات السنوية دور في الارتقاء بأداء المعلمين، المساءلة على النتائج خطوة في الطريق الصحيح، ستصنع معلم متميز وتخرج غيره من الميدان.
س- هل يعقل أن تطالب بمنع المعلمين من إعداد أسئلة الاختبارات لطلابهم؟
- هذا السؤال مهم جدا، من سنوات وأنا أطالب بمثل هذا الأمر لعدة أسباب منها:
- الفصل بين الأداء والتقييم.
- تعزيز النزاهة العلمية بإبعاد المعلم عن التورط في المحاباة او تضعيف الأسئلة ليظهر بشكل جيد أمام إدارته.
- إراحة المعلم من ضغوط الطلاب وأولياء الأمور.
- منع تلخيص المناهج التي تؤثر بالسلب على الطلاب.
- تحقيق العدالة بين الطلاب في النتائج.
- رفع نواتج التعلم لدى الطلاب.
- لذلك يمكن حاليا اللجوء الى بنك الأسئلة من خلال الاختبارات المركزية التي ستسهم في خدمة المعلمين والطلاب بشكل كبير، كما يمكن من خلالها تقييم أداء المعلمين والمعلمات بطريقة أكثر شمولية، والوزارة بدأت مؤخرا في تطبيق هذا النوع من الاختبارات في بعض المراحل، وإن شاء الله العام القادم نراها مطبقة في جميع الفصول والمدارس.
س- لماذا تحارب البدلات التي تصرف للموظفين في مختلف الجهات وبالذات القطاع الصحي؟
- شخصيا لا أحارب البدلات بطبيعتها، البدلات تم إقرارها من أجل تحفيز الموظف المتميز، ومن المفترض ان تصب البدلات بهذا الشكل، لكن عندما تتحول تلك البدلات الى شرهات في أيدي البعض وتمنح لغير مستحقيها، هنا يجب التوقف وتعديل المسار حتى تسهم البدلات في التحفيز، وعلى سبيل المثال بدل" التميز" الذي يصرف في بعض الأحيان لموظف غير متميز وغير منضبط، بينما يتم حرمان المتميز فعلا، هنا تصبح البدلات مساهمة في نشر ثقافة الإحباط.
س- قبل الختام، تتعرض لهجوم عندما تطرح بعض القضايا الساخنة، كيف تتجنب الهجوم؟
النقاش أمر طبيعي وقد يحدث فيه نوعا من الهجوم وبالذات من أصحاب المصالح ففي سنوات مضت، كنت أول من ناقش خطورة المساهمات الشهيرة وتعرضت وقتها للتهديد والشتم وتقديم الرشاوى من أجل السكوت، كان الهدف حماية المغرر بهم، وكان غالبية المهاجمين منهم، هاجموني وضاعت فلوسهم، ناقشت الفساد كذلك وكان الهجوم القوي، حاربنا الإرهاب فكان التهديد والوعيد، ناقشنا وضع التعليم، قالوا لنا مصالح شخصية، وهذا أمرطبيعي يحدث من أصحاب المصالح والصوت العالي.
س- ما هي كلمتكم الأخيرة عبر هذا اللقاء؟
- شكرا لصحيفة النهار على هذا اللقاء.

