لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
القيم والمبادئ ليست ثابتة تمامًا وليست متغيرة بالكامل. بعض القيم تُعتبر ثابتة عبر الزمن، مثل الصدق والأمانة، لأنها تُعبر عن معايير أخلاقية عميقة تتجاوز الزمن والثقافات. في المقابل، هناك قيم تتغير بتغير الظروف الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، مثل طريقة اللباس أو التواصل الاجتماعي. لذا، يمكن القول إن القيم والمبادئ تحتوي على عناصر ثابتة وأخرى متغيرة تعتمد على السياق.
تلعب الثقافات والأديان دورًا كبيرًا في تشكيل القيم والمبادئ. الدين غالبًا ما يقدم إطارًا أخلاقيًا وروحيًا يتبعه الأفراد، مما يؤثر على سلوكياتهم وقراراتهم. الثقافة، بدورها، تُحدد التوقعات الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تؤثر على كيفية تطبيق القيم والمبادئ في الحياة اليومية.
هناك لدى المكون القبلي سلوم وأعراف عريقة وأصيلة يرون أنها ضمن موروثهم وجزء لا يتجزأ من سلوكهم وتعاطيهم مع الحياة وفي مناسباتهم، أفراحهم وأتراحهم. بعضها اندثر وبعضها يتم الاعتناء به والمحافظة عليه والاعتزاز بها وتطبيقها. هذه السلوم والأعراف هي محل نقاش وحوار بين الأجيال الشابة وآبائهم وأجدادهم، حيث يرى الشباب أن تخضع هذه الأعراف لظروف ومتطلبات عصرهم من معالجة وتجديد وتغيير، مثل ما يدخله الشباب الآن على المحاورة والعرضات واللعب من تجديدات في النظم والأداء وآلات اللعب المرافقة لها. بينما جيل الآباء لا يرى ولا يسمح بالمساس بها ويذهب إلى قدسيتها وينزلها منزلة القيم والمبادئ من حيث القيمة والاستدامة ،ويرون عدم التخلي عنها او العبث بها.
التأثير الأكبر في سلوكيات الناس يأتي غالبًا من القيم والمبادئ لأنها تُعبر عن الإطار الأخلاقي والفكري الذي يتبعه الفرد. العادات والتقاليد تُعتبر تعبيرًا عن تطبيقات هذه القيم في الحياة اليومية، لكنها قد تتغير أو تتكيف مع الزمن والتغيرات الاجتماعية.
هناك تفاوت بين الناس في مدى إيمانهم والتزامهم بالمبادئ والقيم، ويعتمد هذا التفاوت على عوامل متعددة مثل الدين التعليم، والتنشئة الأسرية والاجتماعية، والتجارب الشخصية، والثقافة، كل هذه العوامل تسهم في تشكيل منظومة القيم والمبادئ لدى الفرد، وهي في ذات الوقت عوامل مؤثرة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد كيفية تطوير الأفراد لقيمهم ومبادئهم.
الأجيال الشابة تنشأ في بيئة مختلفة تمامًا عن تلك التي نشأ فيها آباؤهم وأجدادهم. التغيرات التكنولوجية والاجتماعية السريعة، والانفتاح على ثقافات مختلفة، وتغير القيم المجتمعية، كلها عوامل تؤدي إلى اختلاف في كيفية رؤية الأجيال الشابة للقيم والمبادئ وأولوياتها. هذا الاختلاف ليس بالضرورة سلبيًا، ولكنه يعكس تفاعل الأجيال مع واقعها المتغير.
السؤال هل من حق الشباب تجديد وتطوير مبادئ وقيم تتناسب مع ظروف حياتهم واحتياجاتهم، طالما أن هذه التغييرات لا تتعارض مع القيم الأساسية للإنسانية مثل الاحترام والعدالة. على سبيل المثال، قد يفضل الشباب اليوم استخدام التكنولوجيا للتواصل وتقديم التهاني عبر الواتساب ، بدلاً من الحضور الشخصي، وهذه التغييرات يختلف الناس حولها، فمنهم من يراها مقبولة في سياق التطور الاجتماعي ومنهم من يراها خلاف ذلك، وهذا أمر وارد في تطور المجتمعات والصراع بين الأجيال.
الجيل الشاب يضغط بقوة لتقبل آبائهم وأجدادهم ما يرونه من تغييرات وتطوير لبعض القيم والمبادئ والسلوم التي يؤمن بها أجدادهم، ويتحملون ردود أفعال آبائهم الحادة في بعض الأحيان طمعًا في أن يجعلوا ما يقومون به من تجديد وتطوير أمرًا واقعًا. مثال بسيط على ذلك، لم يكن من المعتاد أن يدخل شاب إلى مناسبة وهو غير مرتدي الثوب والغترة والعقال، لكن الشباب الآن بدأوا يحضرون بدون غترة وعقال، وفي بعض المناسبات العائلية حتى بدون الثوب، حيث يرتدون بنطالاً وملابس رياضية.
في الختام، يتضح أن القيم والمبادئ تحتوي على عناصر ثابتة وأخرى متغيرة. الثقافة والدين لهما تأثير كبير في تشكيل هذه القيم، والعلاقة بين القيم والعادات ديناميكية ومعقدة. التفاوت في التمسك بالمبادئ والقيم بين الأجيال أمر طبيعي، ويجب على المجتمعات السماح بالتجديد والتكيف لضمان استمرار القيم الأساسية بطريقة تناسب العصر.