لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
بقلم | اللواء م. عبد الله ثابت العرابي الحارثي
في ظل التغيرات السريعة والتحديات العالمية، بات من الضروري تعزيز الهوية الوطنية السعودية، خاصة بين الشباب لضمان استدامة الترابط الاجتماعي والحفاظ على التراث الثقافي. تُعتبر رؤية المملكة 2030 من أهم المبادرات التي تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال برنامج "تعزيز الشخصية السعودية" الذي يركز على غرس القيم الوطنية والشعور بالفخر بالهوية السعودية بين كافة مكونات المجتمع، وخاصة الشباب.
في البداية لا بد لنا من التعريف بمفوهم الهوية الوطنية ومكوناتها
الهوية الوطنية هي مجموعة القيم والمعتقدات والثقافات المشتركة التي تربط أفراد الوطن الواحد، وتشمل التاريخ، اللغة، الدين، العادات والتقاليد، والولاء للوطن والرموز الوطنية مثل النشيد الوطني والعلم . تلعب هذه المكونات دورًا حيويًا في تعزيز الانتماء والشعور بالوحدة بين أفراد المجتمع.
التعليم ودوره في بناء الهوية الوطنية
يعد التعليم حجر الزاوية في بناء الهوية الوطنية، ويجب أن تتضمن المناهج الدراسية محتوى يعزز فهم الطلاب لتاريخ المملكة وثقافتها وتراثها، بالإضافة إلى القيم الوطنية. يُعتبر تدريس قصص نجاح الملوك والشخصيات الوطنية البارزة من العوامل التي تلهم الشباب بالفخر والانتماء. كما أن الأنشطة اللامنهجية مثل الرحلات للأماكن التراثية تساهم في تعزيز الهوية الوطنية.
يلعب الإعلام دورًا مهمًا في تشكيل الهوية الوطنية من خلال البرامج الوثائقية والتقارير الإخبارية والأفلام التي تركز على التراث الثقافي والتاريخي للمملكة. تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية التي تبرز التراث الوطني هو جزء لا يتجزأ من الجهود لتعزيز الهوية الوطنية.
دور الأسرة والمجتمع
للأسرة والمجتمع دور كبير في غرس قيم الهوية الوطنية منذ الصغر من خلال القصص العائلية والمناسبات الوطنية. المبادرات المجتمعية والفعاليات المحلية تساهم في تعزيز روح الانتماء وتشجيع الشباب على التفاعل مع مجتمعهم.
تعد التكنولوجيا وسيلة فعالة في نشر الوعي الوطني، حيث يمكن استخدام التطبيقات الذكية والبرامج التعليمية الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى يعزز الهوية الوطنية. تطوير ألعاب تفاعلية تحتوي على محتوى تاريخي وثقافي سعودي يمكن أن يكون وسيلة ممتعة لتعليم الشباب عن هويتهم.
يمكن الاستفادة من التجارب العالمية الناجحة في تعزيز الهوية الوطنية، مثل برنامج فنلندا لتعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية من خلال التعليم التفاعلي، وتجربة اليابان في الحفاظ على تراثها الثقافي من خلال الفعاليات الوطنية. يمكن أيضًا استلهام فكرة تخصيص يوم للهوية الوطنية من كندا والأخذ بفكرة المتاحف التفاعلية وتجارب الواقع الافتراضي للتعرف على تاريخ المملكة وثقافتها.
يتطلب تعزيز الهوية الوطنية السعودية تضافر الجهود من مختلف الجهات الحكومية والخاصة، وكذلك دور الأسرة والمجتمع، مع التركيز على
الشباب كركيزة أساسية لمستقبل الوطن.
كمحب لوطني وقادته وأهله، أتمنى أن تجد هذه المبادرة (يوم الهوية الوطنية) من يتبناها ويفعلها، مع العديد من المبادرات والبرامج والفعاليات.